ففي نظري القاصر فيه كلام أنهيته في حاشية التهذيب ، والذي يمكن ذكره هنا اُمور :
أحدها : أنّ الأمر إذا كان حقيقة في الوجوب فاعتقاد الوجوب من محمد بن إسماعيل كما هو مقتضىٰ الأمر فيه (١) إغراء بالجهل ، وذلك غير موافق للحكمة في عدم بيان ما يردّ هذا الاعتقاد ، وعدم القصد حال الفعل أمر آخر .
وثانيها : أنّ اعتقاد الوجوب إذا حصل يجوز حضوره حال الفعل وإن لم يكن متعيناً نظراً إلىٰ عدم وجوب نية الوجه ، لكن احتمال وقوع القصد كاف في محذور منافاة الحكمة ، واحتمال علم الإمام بعدم الوقوع يقال مثله في احتمال عدم الاحتياج إلىٰ الوضوء من المذي ليلزم تأخير البيان ، والجواب الجواب .
وثالثها : أنّ الأمر لو كان للوجوب لما ناسب قول ابن بزيع : فإن لم أتوضّأ . فإنّ الحقيقة إذا تحققت ـ اعني إرادة الوجوب ـ لا وجه للسؤال ، واحتمال أن يكون السؤال لدفع شوب الارتياب يشكل بتكرّر الأمر في العامين .
وقد يظن أنّ هذا الخبر بالدلالة علىٰ أنّ الأمر ليس للوجوب في عرف الشارع أقرب منه دلالةً علىٰ الوجوب ، غير أنه يختلج الشك حينئذ بأن الأمر إمّا للاستحباب أو هو مشترك بين الوجوب والاستحباب ، فإن كان الأوّل فالسؤال بقوله : قلت : فإن لم أتوضّأ . لا فائدة فيه ، وإن كان الثاني لم تحصل الفائدة من الجواب ، إذ لا يخرج عن الإجمال .
واحتمال استفادة مطلق الرجحان من المشترك فيعمل به كما ظنه
__________________
(١) ليس في « رض » .