والكمّي إلى درجة العلم ، نظير التواتر والاستفاضة ، إذ كلّ خبر خبر منها لا يولّد العلم بنفسه وإنّما بالتراكم.
وكما هو دأب العقلاء في علم التاريخ حيث ترى البحّاثة في الوصول إلى الوقائع التاريخية يستجمعون الشواهد والقرائن إلى أن يستشرفون العلم بالوقائع الماضية ، وهكذا الحال في الفنون والعلوم الأخرى وهو عين دليل الاستقراء في علم المنطق. وقد بيّنا الفوائد العلمية لهذا المسلك في المقام الأوّل فراجع.
وبالجملة فبحثنا في القرائن هو عن كلّ قرينة توجب أدنى درجات الظن بحال الراوي ، من الوثاقة أو الضعف وغيرها ، وتكون دالّة على أدنى درجات الكشف عن وصف المفردة الرجاليّة كحسنها لا عن خصوص القرائن العلميّة المستقلّة
المقدمة الثانية
بناءً على ما عرفت من مسلك القدماء من الاعتداد بحُسن الظاهر في إحراز العدالة أو الوثاقة ، فتتسع بذلك قرائن التوثيق بأكثر ممّا ذكرناه في المقدّمة الأولى ، بناءً على حجّية الاطمئنان والتوثيقات بتظافر تلك القرائن ، وذلك لأنّه على هذا المسلك يكفي فيه حصول القرائن بدرجة الظن غير الاطمئنان أيضاً المحقّقة لحسن الظاهر ، ويتبيّن على هذا المسلك أنّ الاعتداد هو بكلّ أمارات الحسن والمدح مع عدم وجود الطعن ،
وقد ذكرنا أنّ هذا هو سرّ عمل القدماء بخبر كلّ راوٍ لم يرد فيه طعن ، بعد تثبّتهم من نقاء ظاهر عشرته بين المعاصرين له وعدم غمزهم عليه بمغمز ورواية معاصريه عنه ونحو ذلك ممّا يأتي الحديث عنه مفصّلاً.
ومن ثمّ يتّضح اندفاع كثير من النقاشات في تلك القرائن ، لأنّها مبنيّة على نفي