لِلنَّاسِ فِي الْكِتَابِ أُوْلَئِكَ يَلْعَنُهُمْ اللهُ وَيَلْعَنُهُمْ اللاَّعِنُونَ ) (١) ، وقوله : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلَ اللهُ مِنْ الْكِتَابِ وَيَشْتَرُونَ بِهِ ثَمَناً قَلِيلاً أُوْلَئِكَ مَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ إِلاَّ النَّارَ ... ) (٢).
وتقريب الاستدلال بهما : أنّ حرمة الكتمان ووجوب الإظهار يلازم وجوب القبول وألاّ يكون لغواً.
نعم إنّه تامّ بالنسبة إلى الآية الاولى ، لأنّ الموضوع فيها هو مجرّد الكتمان ، وأمّا الآية الثانية فيمكن الإشكال فيها بأنّ مجرّد الكتمان فيها ليس موضوعاً للحرمة بل أخذ في الموضوع أنّهم يشترون بكتمان الحقّ ثمناً قليلاً ، فالصالح للاستدلال هو الآية الاولى فقط.
وإستشكل فيها أوّلاً : بأنّها واردة في اصول العقائد كما يشهد به شأن نزولهما.
واجيب عنه : بأنّها مطلقة تعمّ الفروع والاصول معاً لأنّ الآية تشمل ما إذا كتم فقيه حرمة الربا مثلاً بالوجدان ، ولا دخل لخصوصيّة المورد لأنّ المورد ليس مخصّصاً.
وثانياً : أنّه من الممكن أن تكون فائدة حرمة الكتمان ووجوب الإظهار هو حصول العلم من قولهم لأجل تعدّدهم لا العمل بقولهم وإن لم يحصل العلم من إخبارهم.
وإن شئت قلت : إنّا فهمنا وجوب القبول من برهان اللغويّة لا من اللفظ حتّى يدّعي الإطلاق بالنسبة إلى مورد عدم حصول العلم.
٤ ـ آية أهل الذكر
وهي قوله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَاتَعْلَمُونَ ) وقد وردت في موضعين من الكتاب الكريم : أحدهما : سورة النحل : ( وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَاتَعْلَمُونَ ) (٣) ، والثاني : سورة الأنبياء : ( وَمَا أَرْسَلْنَا قَبْلَكَ إِلاَّ رِجَالاً نُوحِي إِلَيْهِمْ فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنتُمْ لَاتَعْلَمُونَ ) (٤) ، ( والفرق بين الآيتين منحصر
__________________
(١) سورة البقرة : الآية ١٥٩.
(٢) سورة البقرة : الآية ١٧٤.
(٣) سورة النحل : الآية ٤٣.
(٤) سورة الأنبياء : الآية ٧.