٦ ـ الكلام في مفهوم العدد
المشهور على أنّه لا مفهوم للعدد ، والصحيح هو التفصيل بين أنواع العدد فإنّه على ثلاثة أنواع :
أحدها : ما يكون للتكثير كما في قوله تعالى : ( إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللهُ لَهُمْ ) (١) وقوله سبحانه : ( وَالْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ) (٢) وفي هذا القسم لا مفهوم له بلا إشكال.
ثانيها : ما يكون للتعداد دون تحديد ، ولا إشكال أيضاً في عدم دلالته على المفهوم ، نعم استعمال العدد في هذا النوع قليل ، نظير ما إذا قيل مثلاً بدل قوله تعالى : ( وَلْيَشْهَدْ عَذَابَهُمَا طَائِفَةٌ مِنْ الْمُؤْمِنِينَ ) : « وليشهد عذابهما عشر نفرات » فإنّه لا مفهوم له من جانب الأكثر وهو عدم جواز شهادة الأكثر من عشر نفرات ، وإن كان له المفهوم من جانب الأقلّ ( إلاّ أن يكون ذكره من باب المثال ).
ثالثها : ما يكون في مقام التحديد ، وهذا بنفسه على ثلاثة أقسام :
فتارةً يكون للتحديد بالإضافة إلى جانب الأقلّ ، فيدلّ حينئذٍ مفهوماً على عدم جواز الاقتصار على الأقلّ ، وإن جاز التعدّي إلى الأكثر ، نحو قوله عليهالسلام : « الكرّ ثلاثة أشبار ونصف في ثلاثة أشبار ونصف في ثلاثة أشبار ونصف ».
واخرى يكون للتحديد بالإضافة إلى جانب الأكثر ، فيدلّ حينئذٍ مفهوماً على عدم جواز التعدّي عن ذلك العدد ، وإن جاز الاقتصار على الأقلّ ، نظير ما يدلّ على جواز الفصل بين المصلّيْين بمقدار خطوة.
__________________
(١) سورة التوبة : الآية ٨٠.
(٢) سورة لقمان : الآية ٢٧.