بعض أوراق كتاب الحديث ويحتمل وجود مخصّص في تلك الورقة المفقودة.
أمّا القسم الأوّل : فلا يعتنى به بلا إشكال ، لأنّه إمّا أن نحتمل عدم نقل الراوي لذلك المخصّص تعمّداً ، فهو لا يجتمع مع وثاقة الراوي ، وإمّا أن نحتمل عدم نقله نسياناً فأصالة عدم النسيان المعتبرة عند العقلاء كافيّة في نفيه ، وأمّا الحذف عن تقيّة فهو أيضاً خلاف أصل عقلائي لأنّ الأصل في كلّ كلام حمله على الجدّ.
أمّا القسم الثاني : فهو أيضاً لا يعتنى به لأنّه ينافي وثاقة المؤلّف ، واحتمال أنّ عدم نقله نشأ من استنباطه الشخصي بكون الذيل منفصلاً ولذلك لم ينقله ـ لا يعتنى به أيضاً لأنّ غايته أن يكون من قبيل النقل بالمعنى الذي ينشأ من الاجتهاد والاستنباط الشخصي.
أمّا القسم الثالث : فلا إشكال في أنّ الفحص لازم فيه ، كما إذا فقدت ورقة من كتاب وصيّة أو وقف ويحتمل وجود المخصّص في تلك الورقة المفقودة ، فلا يعتمد على ذلك الكتاب بدون الفحص عن الباقي ، لأنّ للمتكلّم أن يلحق بكلامه ما شاء ما دام متكلّماً فلا يمكن الاعتماد على كلامه قبل إتمامه.
فظهر ممّا ذكر أنّ المقامات في المخصّص المتّصل مختلفة ، ولابدّ فيه من ملاحظة منشأ الشكّ.
لا إشكال ولا كلام في لزوم الفحص عن الدليل الاجتهادي في الاصول العمليّة إذا كانت الشبهة حكميّة ، إنّما الكلام في الفرق بين الموردين ، أي بين الفحص عن المخصّص في العمل بالعام وبين الفحص عن الدليل الاجتهادي في جريان الاصول العمليّة.
فقال المحقّق الخراساني رحمهالله ما حاصله : الفحص في الأوّل فحص عمّا يزاحم الحجّية ، وأمّا في الثاني فبدون الفحص لا حجّة أصلاً لأنّ الموضوع في البراءة العقليّة مثلاً هو اللاّبيان ، وهو لا يحرز بدون الفحص كي يكون الحكم المترتّب عليه حجّة.
لكن الإنصاف في المسألة هو التفصيل بين أصالة الاحتياط وغيرها من الاصول ، والفرق المذكور إنّما يتمّ في غير الاحتياط ، أمّا في البراءة العقليّة منه فلأنّ موضوعها اللاّبيان ، وهو لا يحرز بدون الفحص كما مرّ ، وأمّا البراءة الشرعيّة فلأنّ دليلها وهو حديث الرفع مقيّد بما بعد