عدم الاحتياط بقدره لا مطلقاً.
فتلخّص أنّ الدليل على نفي وجوب الاحتياط هو قاعدة نفي الحرج ولكنّها لا تقتضي ترك الاحتياط إلاّفي الجملة.
وأمّا الطريق الثاني : الرجوع إلى الاصول العمليّة الأربعة
فقد ذهب المحقّق الخراساني رحمهالله إلى أنّ العلم الإجمالي بالتكليف ربّما ينحلّ ببركة جريان الاصول المثبتة بضميمة ما نهض عليه علم أو علمي ، فلا موجب حينئذٍ للاحتياط عقلاً ولا شرعاً أصلاً كما لا يخفى ، وأنّه لو لم ينحلّ بذلك فاللازم هو الاحتياط في خصوص مجاري الاصول النافيّة مطلقاً ولو من موهومات التكليف ( إلاّ بمقدار رفع اختلال النظام أو رفع العسر ) لا الاحتياط في محتملات التكليف مطلقاً ، ولو كانت في موارد الاصول المثبتة فإنّ العمل بالتكليف فيها يكون من باب قيام الحجّة عليها ، وهي الاصول العمليّة لا من باب الاحتياط كما لا يخفى.
أقول : الإنصاف هو انسداد هذا الطريق أيضاً لقلّة موارد الاصول المثبتة وعدم كونها بمقدار المعلوم بالإجمال ، ولو انضمّ إليها ما علم حكمه تفصيلاً أو نهض عليه الظنّ الخاصّ المعتبر كما لا يخفى على الخبير بموارد هذه الاصول في الفقه.
وأمّا الطريق الثالث : الرجوع إلى العالم القائل بالانفتاح
فلا إشكال في عدم جوازه قطعاً ، لأنّ الانسدادي يعتقد بخطأ الانفتاحي وأنّ مستنده غير صالح للاعتماد عليه ، فالانفتاحي جاهل في نظره فليس رجوعه إليه من باب رجوع الجاهل إلى العالم حتّى يشمله دليله.
أمّا المقدّمة الخامسة : وهي استحالة ترجيح المرجوح على الراجح فقد مرّ البحث عنها وقلنا بأنّه قبيح وإن لم يكن مستحيلاً.
فقد ظهر من جميع ما ذكرنا أنّ المقبول من المقدّمات عندنا إنّما هو المقدّمة الثالثة والخامسة بتمامهما ، والطريق الثاني من المقدّمة الرابعة والثالث منها في الجملة ، ونتيجته عدم تماميّة مقدّمات الانسداد لإثبات وجوب الاحتياط لأنّه يكفي في عدم إنتاجها بطلان واحدة منها.