إن قلت : فكيف يقع صفةً للدلالة ويقال : الدلالة المفهوميّة ، كما استشهد به في تهذيب الاصول على أنّ المفهوم قد يكون من صفات المدلول وقد يكون من صفات الدلالة؟
قلنا : المراد من الدلالة المفهوميّة الدلالة المنسوبة إلى المعنى الذي يكون مفهوماً للفظ كما لا يخفى ، وحينئذٍ يكون المفهوم في هذا التعبير أيضاً وصفاً للمعنى والمدلول.
الظاهر من كلمات القوم هو الثاني ، حيث إنّهم يعنونون البحث عن مفهوم الشرط مثلاً بهذا العنوان : « هل
مفهوم القضيّة الشرطيّة حجّة أو لا؟ » وظاهره أنّ البحث إنّما هو في الحجّية وعدمها ، وهو بحث كبروي كما لا يخفى.
كما أنّ المنسوب إلى قدماء القوم أيضاً أنّه كبروي ، لكن الصحيح أنّه صغروي عند القدماء والمتأخّرين جميعاً ، أمّا المتأخّرون فلتصريحهم بأنّ النزاع صغروي ، وأنّ الكلام إنّما هو في أصل وجود المفهوم خارجاً ، بمعنى أنّ الجملة الشرطيّة أو ما شاكلها هل هي ظاهرة في المفهوم أو لا؟ وأمّا تعبيرهم في عنوان المسألة بأنّ مفهوم القضيّة الشرطيّة حجّة أو لا؟ فإنّما هو لنكتة خاصّة وهي أنّه لا إشكال ولا خلاف في أنّ لجميع الموضوعات التي وقع البحث في مفهومها دلالة ما أو إشعاراً ما على المفهوم ، ولكن وقع النزاع في أنّ هذه الدلالة هل تقف عند حدّ الإشعار حتّى لا تكون حجّة ، أو تصل إلى حدّ الظهور اللفظي العرفي فتكون حجّة؟
وأمّا القدماء من الأصحاب فالدقّة في كلماتهم أيضاً تقتضي هذا المعنى ، أي أنّ مرادهم من حجّية مفهوم وعدمها أنّه هل تصل تلك الدلالة المفروغ عنها إلى حدّ الظهور العرفي فتكون حجّة ، أو لا؟