بل هو الأساس في إنكارهم حجّية العقل وهي على طوائف :
الطائفة الاولى : ما تنهى عن العمل بالرأي ، وفسّر الرأي عندهم بحكم العقل.
الطائفة الثانية : ما تدلّ على غاية بعد العقول عن دين الله.
الطائفة الثالثة : ما تدلّ على أنّ المدرك الوحيد للأحكام هو روايات أهل البيت عليهمالسلام.
فمنها : ما روي عن أبي جعفر عليهالسلام : « من أفتى الناس برأيه فقد دان الله بما لا يعلم ومن دان الله بما لا يعلم فقد ضادّ الله حيث أحلّ وحرّم فيما لا يعلم » (١).
ومنها : ما روي عن أمير المؤمنين عليهالسلام في كلام له : إنّ المؤمن لم يأخذ دينه عن رأيه ولكن أتاه من ربّه فأخذ به (٢).
ومنها : ما رواه غياث بن إبراهيم عن الصادق عن آبائه عن أمير المؤمنين عليهالسلام أنّه قال في كلام له : « الإسلام هو التسليم ـ إلى أن قال ـ أنّ المؤمن أخذ دينه عن ربّه ولم يأخذه عن رأيه » (٣).
ومنها : ما رواه في الاحتجاج عن أبي عبدالله عليهالسلام أنّه قال لأبي حنيفة في احتجاجه عليه في إبطال القياس : « أيّما أعظم عندالله؟ القتل؟ أو الزنا؟ قال بل القتل فقال عليهالسلام : فكيف رضى في القتل بشاهدين ولم يرض في الزنا إلاّبأربعة؟ ثمّ قال له : الصّلاة أفضل أم الصّيام؟ قال : بل الصّلاة أفضل قال عليهالسلام فيجب على قياس قولك على الحائض قضاء ما فاتها من الصّلاة في حال حيضها دون الصّيام وقد أوجب الله عليها قضاء الصّوم دون الصّلاة ، ثمّ قال له : البول أقذر أم المني؟ فقال البول أقذر فقال : يجب على قياسك أن يجب الغسل من البول دون المني ، وقد أوجب الله تعالى الغسل من المني دون البول ـ إلى أن قال عليهالسلام : تزعم أنّك تفتي بكتاب الله ولست ممّن ورثه وتزعم أنّك صاحب قياس ، وأوّل من قاس إبليس ولم يُبْنَ دين الله على القياس وزعمت أنّك صاحب رأي وكان الرأي من الرسول صلىاللهعليهوآله صواباً ومن غيره خطأً لأنّ
__________________
(١) وسائل الشيعة : ح ١٢ ، من الباب ٦ ، من أبواب صفات القاضي.
(٢) المصدر السابق : ح ١٤.
(٣) المصدر السابق : ح ٢١.