يكون له مفهوم ، وإلاّ فإنّ مجرّد حلّية البيع على إطلاقه مثلاً وحلّية بيع المعاطاة لا منافاة بينهما.
ولابدّ فيه من ذكر مقدّمات قبل الورود في أصل الكلام :
المقدّمة الاولى : في أنّه ما هو المراد بالمجمل والمبيّن؟ وما تعريفهما؟
الظاهر أنّ المجمل ( وفي مقابله المبيّن ) على معناه اللغوي وأنّه ليس له اصطلاح خاصّ في الاصول ، وله في اللغة أصلان لكلّ واحد معنى على حدة :
أحدهما : جَمَلَ يجمل ( كنصر ينصر ) جملاً الشيء إذا جمعه ، وهو في الكلام إذا جمعه من غير تفصيل ، ومنه الجملة وجمعه الجُمَل بمعنى الجماعة.
الثاني : جَمُلَ يَجمل ( كشرف يشرف ) جمالاً ، بمعنى الحسن ، وصرّح بعض النحويين أنّه أعمّ من الحسن الظاهري والحسن الباطني.
هذا ـ ويحتمل رجوع المعنيين إلى معنى واحد ، لأنّ الجمال أيضاً يطلق على الإنسان إذا إجتمعت فيه أسباب الحسن.
المقدّمة الثانية : أنّهما ( كالإطلاق والتقييد ) أمران إضافيان نحو هيئة الأمر ، فإنّها مبيّنة من حيث دلالتها على الوجوب ، وهي في نفس الوقت يمكن أن تكون مجملة من حيث الفور والتراخي ، لكنّ المحقّق الخراساني رحمهالله قال في المقام : « ثمّ لا يخفى أنّهما وصفان إضافيان ربّما يكون مجملاً عند واحد لعدم معرفته بالوضع أو لتصادم ظهوره بما حفّ به لديه ، ومبيّناً لدى الآخر لمعرفته وعدم التصادم بنظره ».
أقول : إنّ هذا خلط بين مقام الثبوت والإثبات ، والبحث في ما نحن فيه بحث في مقام الثبوت والواقع من دون النظر إلى علم الأشخاص وجهلهم وإلاّ يستلزم أن تكون جميع الألفاظ للغة خاصّة مجملة بالإضافة إلى الجاهل بتلك اللغة ، مع أنّ المقصود من الإجمال هو الإجمال بعد فرض التعلّم والرجوع إلى اللغة.
وإن شئت قلت : أنّهما إضافيّان في الواقع ونفس الأمر لا عندنا نظير قولك : « أكرم العلماء إلاّ زيداً » إذا كان لفظ زيد مشتركاً بين زيد بن عمرو وزيد بن بكر فإنّ هذا الكلام مجمل