ومنه يعلم أنّ تشبيه الظنّ حال الانسداد بالعلم حال الانفتاح أشبه بالمغالطة لأنّ العلم علّة تامّة للحجّية.
وإن شئت قلت : أنّ دليل الانسداد إنّما يثبت حجّية الظنّ حال الانسداد وعدم إنفتاح باب العلم والعلمي ، وفي مورد القياس ومثله يكون باب العلم مفتوحاً ، للعلم بأنّ الشارع أرجعنا في هذه الموارد إلى الاصول اللفظية أو العمليّة ، فخروج القياس حينئذٍ يكون على وجه التخصّص وخروج الموضوع ، لا التخصيص.
إذا قامت دليل ظنّي كالشهرة على عدم حجّية ظنّ آخر كالظنّ الحاصل من الاستحسان ، كما إذا قام الاستحسان على وجوب الزّكاة في النقود الورقيّة في يومنا هذا تشبيهاً لها بالدرهم والدينار ، فحصل الظنّ بوجوب الزّكاة من ناحيته في حال الانسداد ( وهذا هو الظنّ الممنوع ) والظنّ الحاصل من جانب قيام الشهرة على عدم حجّية الاستحسان بناءً على عدم العلم بعدم حجّية الاستحسان ، كما قد يقال به في فرض الانسداد ( وهذا هو الظنّ المانع ) فهل مقتضى مقدّمات الانسداد هو الأخذ بالظنّ الممنوع والحكم بوجوب الزّكاة في النقود الورقيّة في المثال ، أو إنّها تقتضي تقديم الظنّ المانع فتصير النتيجة وجوب الأخذ بالظنّ الحاصل من الشهرة والحكم بعدم وجوب الزّكاة؟ وجوه :
الأوّل : تقديم الظنّ المانع.
والثاني : تقديم الظنّ الممنوع.
والثالث : تساقط الظنّين والرجوع إلى الاصول العمليّة.
والرابع : أنّ المسألة مبنية على كون نتيجة مقدّمات الانسداد حجّية الظنّ في الفروع أو الاصول ، فإن قلنا أنّ نتيجتها هي الحجّية في الفروع فالمقدّم هو الظنّ الممنوع ، وإن قلنا أنّ النتيجة هي الحجّية في الاصول فالمقدّم هو الظنّ المانع ، وإن قلنا بحجّية كليهما فيتساقطان.
نعم ، لا يتصوّر هذا الوجه فيما إذا كان كلا الظنّين اصولياً كما إذا حصل الظنّ بعدم حجّية قول اللغوي ، وحصل الظنّ أيضاً بعدم حجّية هذا الظنّ ، فعلى القول بأنّ نتيجة مقدّمات