قلنا : لا إشكال في وجود هذا المعنى في ذلك الزمان على حدّه البسيط وفي دائرة تخصيص العام وتقييد المطلق وتقديم النصّ على الظاهر وشبه ذلك ، والإنصاف أنّ مفاد الآية ليس على حدّ الاجتهاد المصطلح ولا على حدّ البيان الساذج للخبر ، بل المستفاد منها عرفاً كون الناقلين للأخبار من قبيل ناقلي فتاوي المجتهدين والمنصوبين من قبلهم لنقل المسائل العمليّة وتوضيحها لمقلّديهم في يومنا هذا ، ولا إشكال في قابليتهم للإنذار ولا إشكال أيضاً في تحقّق الإنذار بتوسّطهم أي يتحقّق الإنذار بمجرّد نقل الرواة عن الأئمّة عليهمالسلام ولا يشترط فيه التفقّه بالمعنى المصطلح كما لا يشترط في وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بلا ريب.
الثالث : أنّ المأخوذ في التفقّه والإنذار في الآية عنوان الطائفة ، وهي عبارة عن الجماعة وإخبار الجماعة يوجب العلم ، فتكون الآية خارجة عن محلّ البحث.
والجواب عنه واضح ، لأنّ المقصود من الطائفة هو معناها الحقيقي نظير المراد في قوله تعالى : ( فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ ) وفي قولك : « سل العلماء ما جهلت » وقولك : « راجع الأطباء في مرضك » وقوله تعالى : ( وَلَا تُطِيعُوا أَمْرَ الْمُسْرِفِينَ ) وقوله تعالى : ( وَلَا تَرْكَنُوا إِلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا ) ونظيرها ممّا لا شكّ في أنّ المخاطب فيه كلّ واحد من الأفراد والمصاديق مستقلاً لا الجماعة بما هي جماعة.
الرابع : أنّ الآية ناظرة إلى اصول الدين وتحصيل المعارف الدينيّة بقرينة الرّوايات التي وردت في ذيلها الدالّة على وظيفة المؤمنين في تعيين الإمام اللاحق بعد وفاة الإمام السابق ، وقد مرّ بعضها في البحث عن المقام الأوّل ، ولا إشكال في اعتبار حصول العلم في الاصول ، فتكون الآية خارجة عن محلّ البحث.
والجواب عنه : أنّ الآية عامّة تعمّ الفروع أيضاً لأنّه لا وجه لتخصيصها بالاصول ، أمّا الرّوايات فإنّها غاية ما تثبته أنّ اصول الدين مشمولة للآية ولا تدلّ على انحصارها بها.
٣ ـ آية الكتمان
وهي قوله تعالى : ( إِنَّ الَّذِينَ يَكْتُمُونَ مَا أَنزَلْنَا مِنْ الْبَيِّنَاتِ وَالْهُدَى مِنْ بَعْدِ مَا بَيَّنَّاهُ