ومنها : ما رواه عبدالله بن رزين الغافقي قال : قال لي عبدالملك بن مروان : لقد علمت ما حملك على حبّ أبي تراب إلاّ أنّك أعرابي جافّ؟ فقلت : والله لقد جمعت القرآن من قبل أن يجتمع أبواك ولقد علّمني منه علي بن أبي طالب عليهالسلام سورتين علّمهما إيّاه رسول الله صلىاللهعليهوآله ما عُلِّمتهما أنت ولا أبوك : « اللهمّ إنّا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفّرك ونخلع ونترك من يفجرك ، اللهمّ إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد وإليك نسعى ونحفد ، نرجو رحمتك ونخشى عذابك الجدّ إنّ عذابك بالكفّار ملحق » (١).
وهذا أيضاً تنادي بأعلى صوتها بأنّها من الأدعية المأثورة كما لا يخفى.
ومنها : ما أخرجه البيهقي من طريق سفيان الثوري عن ابن جريح عن عطا عن عبيد بن عمير : أنّ عمر بن الخطّاب قنت بعد الركوع فقال : بسم الله الرحمن الرحيم اللهمّ إنّا نستعينك ونستغفرك ونثني عليك ولا نكفّرك ونخلع ونترك من يفجرك ، بسم الله الرحمن الرحيم اللهمّ إيّاك نعبد ولك نصلّي ونسجد وإليك نسعى ونحفد نرجو رحمتك ونخشى نقمتك إنّ عذابك بالكافرين ملحق ، قال ابن جريح : حكمة البسملة إنّهما سورتان في مصحف بعض الصحابة » (٢).
وقد سمّيت هاتين السورتين بسورة الحفر وسورة الخلع لورود هاتين الكلمتين فيهما.
فهذه العبارة واضحة الدلالة على ما ذكرنا ، كما يشهد عليه قول ابن جريح في ذيلهما حيث إنّه يرشدنا إلى علّة الخلط والاشتباه في هذا المورد ، وهي وجود البسملة في صدر الدعائين.
مضافاً إلى أنّ قرآنيّتهما لا بدّ فيها من ذكر قائل لها لأنّهما صدرتا بلسان عبد من عباد الله ، ودأب القرآن في مثل هذه الموارد أن يذكر القائل إلاّسورة الحمد خاصّة ، التي تواترت الأخبار بها.
وردت روايات كثيرة من طرق الفريقين ووقع الخلط فيها بين القرآن نفسه وتفسيره وشأن نزوله :
__________________
(١) فصل الخطاب : أوائل الدليل الثامن بالنقل من السيوطي في الإتقان.
(٢) المصدر السابق :