قلنا : لا يبعد أن تكون الرّوايات الآمرة بالتكذيب ناظرة إلى من يدّعي نيابة أو رسالة أو حكماً ، وأمّا مجرّد دعوى الرؤية بدون ذلك فلا دليل على تكذيبه.
ولكن غاية ما يقتضيه هذا البيان هو إمكان الإجماع التشرّفي ثبوتاً ، وأمّا في مقام الإثبات فلم نجد مصداقاً له في ما بأيدينا من الإجماعات المنقولة.
وهو كما قال في الفصول : « أن يستكشف عن قول المعصوم عليهالسلام أو عن دليل معتبر باتّفاق علمائنا الأعلام الذين كان ديدنهم الانقطاع إلى الأئمّة عليهمالسلام في الأحكام ، وطريقتهم التحرّز عن القول بالرأي ومستحسنات الأوهام فإنّ اتّفاقهم على قول وتسالمهم عليه مع ما يرى من اختلاف أنظارهم وتباين أفكارهم ممّا يؤدّي بمقتضى العقل والعادة عند أُولي الحدس الصائب والنظر الثاقب إلى العلم بأنّ ذلك قول أئمّتهم ومذهب رؤسائهم وأنّهم إنّما أخذوه منهم إمّا بتنصيص أو بتقرير » (١).
وقال شيخنا العلاّمة الحائري رحمهالله في الدرر : « ولا اختصاص لهذه الطريقة باستكشاف قول المعصوم عليهالسلام بل قد يستكشف بها عن رأي سائر الرؤساء المتبوعين ، مثلاً إذا رأيت تمام خدمة السلطان ( الذين لا يُصدرون إلاّعن رأيه ) اتّفقوا على إكرام شخص خاصّ يستكشف منه إنّ هذا إنّما هو من توصيته » (٢).
أقول : يمكن تقريب هذا المسلك بثلاثة وجوه :
الوجه الأوّل : ما ذهب إليه المحقّق النائيني رحمهالله في فوائد الاصول وهو أن نقول بوجود الملازمة العادية بين اتّفاق المرؤوسين على أمر ورضا الرئيس إن كان نشأ الاتّفاق عن تواطئهم على ذلك (٣) فكما يكشف قول الشافعي من العلماء الشافعيين وقول أبي حنيفة من تلامذته وكذا غيرهم ، كذلك يكشف من إجماع علماء الشيعة قول الإمام المعصوم عليهالسلام.
ويرد عليه : إنّ هذا ثابت في زمان الحضور ولا يفيدنا اليوم لأنّ كشف قول الرئيس أو
__________________
(١) حكي عنه في عناية الاصول : ج ٣ ، ص ١٥٣.
(٢) درر الفوائد : ج ٢ ، ص ٣٧٢.
(٣) راجع فوائد الاصول : ج ٣ ، ص ١٥٠ ، طبع جماعة المدرّسين.