ولهذا قال المحقّق الخراساني رحمهالله بعد هذا الكلام : « لكن الإجماعات المنقولة في ألسنة الأصحاب غالباً مبنية على حدس الناقل أو على اعتقاد الملازمة عقلاً لقاعدة اللطف فلا اعتبار لها ما لم ينكشف أنّ نقل السبب كان مستنداً إلى الحسّ ».
المنقول في حكاية الإجماع تارةً يكون هو المسبّب وهو قول الإمام عليهالسلام كما إذا قال : « أجمع المسلمون عامّة » أو « المؤمنون كافّة » أو « امّة محمّد » أو نحو ذلك إذا كان ظاهره إرادة الإمام عليهالسلام معهم ، ويسمّى حينئذٍ بنقل المسبّب أو بنقل السبب والمسبّب معاً ، واخرى السبب ، أي قول من سوى الإمام الكاشف عن قوله كما إذا قال : أجمع علمائنا أو أصحابنا أو فقهائنا أو نحو ذلك ممّا ظاهره من سوى الإمام عليهالسلام ويسمّى بنقل السبب فقط.
ويستفاد كون المنقول سبباً أو مسبّباً من طريقين :
أحدهما : المسلك الذي اختاره الناقل والمدرك الذي اعتمد عليه ، فإن كان مسلكه الإجماع الدخولي أو التشرّفي وكان مدرك نقله هو الحسّ والسماع من الإمام بنفسه ولو ضمن اشخاص يعلم إجمالاً أنّ الإمام عليهالسلام أحدهم ولا يعرفه بشخصه كان المنقول حينئذٍ المسبّب أو السبب والمسبّب جميعاً ، وإن كان مبناه الإجماع الحدسي أو اللطفي ، أي كان مدرك نقله هو الحدس المقابل للحسّ كان المنقول هو السبب لا محالة.
ثانيهما : اختلاف ألفاظ النقل من حيث الصراحة والظهور والإجمال في أنّه نقل للسبب ، أي نقل قول من عدى الإمام عليهالسلام ، أو أنّه نقل للسبب والمسبّب جميعاً.
إذا عرفت هذا فلنرجع إلى أصل المسألة ، وهو حجّية الإجماع المنقول ، فأي قسم من أقسام نقل الإجماع حجّة شرعاً بأدلّة حجّية خبر الواحد نظراً إلى كونه من أفراده ومصاديقه وأي قسم منها لا يكون حجّة شرعاً لعدم كونه كذلك؟
فنقول : إذا كان المنقول السبب والمسبّب جميعاً عن حسّ كما إذا حصّل السبب وهو قول من عدى الإمام عليهالسلام ، وهكذا المسبّب وهو قول الإمام عليهالسلام بالسمع من المنقول عنه شخصاً كأن يقول : أجمع المسلمون أو المؤمنون أو أهل الحقّ قاطبة ـ إن قلنا أنّ ظاهره إرادة الإمام عليهالسلام