وهو دخول الإمام عليهالسلام في المجمعين والمتّفقين بشخصه ، وإن كان لا يعرفه المحصّل للإجماع ، فيخبر بالحكم عنه بصورة الإجماع ، فملاك حجّيته دخول المعصوم بنفسه في المجمعين ، ولذلك قال المحقّق رحمهالله في المعتبر : « فلو خلا المائة من فقهائنا من قوله لما كان حجّة ولو حصل في اثنين كان قولهما حجّة » (١).
ولا إشكال في هذا النوع من الإجماع من ناحية الكبرى ، إنّما الكلام في الصغرى لأنّ الإجماعات المنقولة الموجودة في الكتب الفقهيّة ليست من هذا القبيل قطعاً ، فإنّ الناقل لم يسمع الحكم من جماعة بحيث يعلم بأنّ الإمام عليهالسلام أحدهم قطعاً ، نعم هذا المعنى كان ممكناً في عصر حضور الإمام عليهالسلام ولكن نقلة الإجماع وأرباب الكتب الفقهيّة متأخّرون عن ذلك العصر يقيناً.
وصاحب هذا المسلك هو شيخ الطائفة رحمهالله فإنّه قال فيما حكي عنه : اجتماع الأصحاب على الباطل وعلى خلاف حكم الله الواقعي خلاف اللطف ، فيجب لطفاً القاء الخلاف بينهم بإظهار الحقّ ولو لبعضهم ، فلو حصل إجماع واتّفاق من الكلّ نستكشف بقاعدة اللطف إنّه حقّ وهو حكم الله الواقعي.
أقول : تنبغي الإشارة إجمالاً إلى قاعدة اللطف التي تفيدنا هنا وفي أبواب العقائد أيضاً فنقول : قال العلاّمة رحمهالله في شرح التجريد : « اللطف هو ما يكون المكلّف معه أقرب إلى فعل الطاعة وأبعد من فعل المعصية ولم يكن له حظّ في التمكين ( أي القدرة ) ولم يبلغ حدّ الإلجاء ( أي الإجبار ) » (٢) ، وحاصله أنّ اللطف عبارة عمّا يقرّب العبد نحو الطاعة ويبعّده عن المعصية ما دام لم يسلم العبد لقدرته فقط ولم يجبره أيضاً على الطاعة أو ترك المعصية بل كان هناك مضافاً إلى قدرة العبد على الفعل أو الترك معاونة على الطاعة وترك المعصية ، مع عدم وصولها إلى حدّ الإلجاء والإجبار.
__________________
(١) المعتبر : ص ٦ ، الطبع الحجري.
(٢) كشف المراد : المقصد الثالث ، الفصل الثالث ، المسألة الثانية عشرة.