والأقوال فيه ثلاثة :
الأوّل : ما حكي عن سلطان العلماء ومن تبعه من أنّ استعمال المطلق في المقيّد حقيقة مطلقاً.
الثاني : هو المجاز مطلقاً.
والثالث : التفصيل بين التقييد بالمتّصل والتقييد بالمنفصل ، فحقيقة في الأوّل دون الثاني.
والتحقيق في المقام يستدعي ذكر مقدّمة وهي : أنّ للمطلق معنيين :
أحدهما : المطلق قبل إجراء مقدّمات الحكمة الذي نعبّر عنه بمصبّ الإطلاق والتقييد وهو المفهوم اللاّبشرط.
ثانيهما : المطلق بعد إجراء مقدّمات الحكمة وهو الشائع في جنسه والساري في أفراده ، ولا ريب أنّ محلّ البحث في المقام هو المعنى الأوّل لا الثاني ، لأنّ في المعنى الثاني فرض عدم القيد الذي هو إحدى مقدّمات الحكمة فلا معنى حينئذٍ لأن نبحث في أنّ استعماله في المقيّد هل هو حقيقة أو مجاز؟
ومن هنا يعلم أنّ من أخذ معنى الشيوع والسريان في مفهوم المطلق يحتاج إمّا إلى إجراء مقدّمات الحكمة أو إلى الالتزام بأخذ السريان في مفهوم المطلق بحسب الوضع كما نسب إلى القدماء من الاصوليين ، وإلاّ فقبل جريان المقدّمات ومن دون أخذ السريان في ذات المطلق ووضعه له لا يدلّ على الشيوع والسريان بل أنّه حينئذٍ كما يمكن أن يكون مصبّاً للإطلاق ، فيدلّ على الشيوع ، كذلك يمكن أن يكون مصبّاً للتقييد فلا يدلّ على الشيوع.
وكيف كان ، هل استعمال المطلق في المقيّد حقيقة أو مجاز؟ الحقّ التفصيل بين ثلاث حالات وكونه حقيقة في حالتين منها ومجازاً في حالة اخرى.
الاولى : ما إذا كان استعماله في المقيّد بنحو تعدّد الدالّ والمدلول بأن يراد أصل الطبيعة من المطلق ويراد القيد من قرينة حاليّة أو مقاليّة ، كقوله : « اعتق رقبة مؤمنة » فإنّ الذوق السليم يقضي بأنّ لفظ المطلق وهو « رقبة » في المثال يدلّ على نفس الطبيعة وهو الماهيّة اللاّبشرط ، ولفظ « مؤمنة » يدلّ على القيد لا أنّ الرقبة استعملت في المقيّد وكانت المؤمنة قرينة على ذلك ، وعليه يكون الاستعمال حقيقة.
الثانية : أن يكون من قبيل التطبيق نحو « جاءني رجلٌ » فإنّ المراد فيه رجل خاصّ وفرد