والدليل على الاستحالة في كلّ واحد منها واضح ، أمّا الأوّل فلاستلزامه الدور المحال مثل ما إذا قيل : « إذا قطعت بنجاسة هذا الثوب فهو ينجّس بنفس هذه النجاسة » أو قيل : « إذا قطعت بوجوب هذا العمل فهو يجب بنفس هذا الوجوب ».
أمّا الثاني : فلاستلزامه اجتماع المثلين كما إذا قيل : « إذا قطعت بوجوب هذا العمل فهو يجب بوجوب آخر مثله ».
وأمّا الثالث : فلاستلزامه اجتماع الضدّين مثل أن يقال : « إذا قطعت بوجوب شيء فهو يحرم ».
وهذا كلّه واضح لا يحتاج إلى مزيد بيان ، ولكنّه بالنسبة إلى أصل المدّعى ، إنّما الإشكال في كيفية الاستدلال على عدم الصحّة بالنسبة إلى القسمين الأخيرين ، حيث إنّه لا استحالة لاجتماع الضدّين أو المثلين في الامور الاعتباريّة كما مرّ مراراً ، بل الإشكال فيه من جهة قبحه ولغويته ، فإنّ اجتماع المثلين لغو واجتماع الضدّين يستلزم التكليف بما لا يطاق ، وصدور كلّ واحد منهما من جانب المولى الحكيم قبيح بلا ريب.
أنّ القطع المأخوذ موضوعاً على أربعة أقسام : لأنّه تارةً يكون تمام الموضوع لحكم كما قيل به في مسألة الخوف بالضرر فإنّه تمام الموضوع لبعض الأحكام الشرعيّة فيترتّب عليه تلك الأحكام وإن لم يكن ضرر في الواقع ، كما أنّه كذلك في الامور التكوينيّة أحياناً فيوجب علم الإنسان بضرر خاصّ تغيّر اللون أو ارتعاش البدن مثلاً ، سواء كان الضرر موجوداً واقعاً أو لم يكن.
واخرى يكون جزء الموضوع ، والجزء الآخر هو الواقع الذي تعلّق به القطع كما في القطع بنجاسة الثوب الذي أخذ جزءً في موضوع بطلان الصّلاة ، فإذا قطعت بنجاسة الثوب وكان نجساً في الواقع تبطل الصّلاة ، وأمّا إذا قطعت بها وصلّيت مع تمشّي قصد القربة وانكشف الخلاف وعدم نجاسة الثوب فالحقّ صحّة الصّلاة حينئذٍ ، كما أنّه كذلك فيما إذا كان الثوب نجساً في الواقع ولكن لم يكن قاطعاً بها.
وعلى كلّ حال إنّ كلاً من القطع المأخوذ تمام الموضوع والمأخوذ جزء الموضوع تارةً يكون