٤ ـ حجّية خبر الواحد
وهذه المسألة من أهمّ المسائل الاصوليّة لاستناد أكثر المسائل الفقهيّة إلى خبر الواحد بحيث لولاها ولولا مسألة التعادل والتراجيح التي تعدّ تكملة لها لتعطّل عمل الاستنباط والاجتهاد ، فلا بدّ من الإهتمام بها.
وقبل الورود في أصل البحث لابدّ من بيان مقدّمة : وهي أنّه مع وجود هذه الأهميّة الشديدة ـ مع ذلك ـ وقع البحث والنزاع بين الأعلام في أنّ هذه المسألة كيف يمكن أن تكون من مسائل الاصول ، ومنشأ الإشكال أنّ موضوع علم الاصول هو الأدلّة الأربعة ، ومن جانب آخر أن موضوع كلّ علم هو ما يبحث فيه عن عوارضه الذاتيّة ، مع أنّ البحث في هذه المسألة ليس من العوارض الذاتيّة للسنّة التي تكون من الأدلّة الأربعة ، لأنّ البحث فيها يكون بحثاً عن حجّية خبر الواحد ودليلية الدليل ، وهي بحث عن ذات الموضوع لا عن عوارضه ، لأنّ الموضوع هو الأدلّة الأربعة بوصف أنّها أدلّة لا الأدلّة الأربعة بذواتها وبما هي هي.
ولحلّ هذه المشكلة ذكروا طرقاً عديدة نذكر هنا عدّة منها.
الأوّل : التسليم للإشكال والقول بكون البحث عنها استطراديّاً في الاصول كما ذهب إليه صاحب القوانين.
ولكنّه كما ترى لا يناسب كون المسألة من أهمّ مسائل الاصول.
الثاني : ما ارتكبه صاحب الفصول من التكلّف والقول بأنّ الموضوع في علم الاصول هو ذوات الأدلّة فيكون البحث عن وصف الدليلية حينئذٍ من العوارض.
وهذا التكلّف أيضاً خلاف ظاهر تعبيرهم بالأدلّة لأنّ ظاهره الأدلّة بما هي أدلّة.
الثالث : طريق الشيخ الأنصاري رحمهالله في الرسائل ، وحاصله : أنّ الموضوع هو السنّة الواقعيّة ، أي ما صدر واقعاً من ناحية المعصوم عليهالسلام والبحث في خبر الواحد هو أنّ قول المعصوم عليهالسلام أو فعله أو تقريره هل يثبت بخبر الواحد أو لا؟