ورابعاً : حجّية أخبار غير الثقات وعدم اعتبار الوثاقة مع أنّ كلّ من قال بحجّية خبر الواحد اعتبر ، قيوداً مثل قيد الوثاقة أو كون الخبر في الكتب المعتبرة ، اللهمّ إلاّ أن يقال بانحلال العلم الإجمالي بخصوص أخبار الثقات أو ما في الكتب المعتبرة.
وخامساً : ما مرّ أيضاً في الوجه الأوّل من أنّ دائرة العلم الإجمالي أوسع من هذا المقدار لكون جميع الأمارات الظنّية من الشهرات والإجماعات المنقولة داخلة فيها.
الوجه الثالث : ما ذكره المحقّق النحرير صاحب الحاشية ( الشيخ محمّد تقي رحمهالله أخو صاحب الفصول ) في حاشيته على المعالم وهو أنّ وجوب العمل بالكتاب والسنّة ثابت بالإجماع والضرورة والأخبار المتواترة ، ولا شكّ في بقاء هذا التكليف بالنسبة إلينا أيضاً بنفس الأدلّة المذكورة ، وحينئذٍ فإن أمكن الرجوع إليهما على نحو يحصل منهما العلم بالحكم أو الظنّ الخاصّ به فهو ، وإلاّ فالمتّبع هو الرجوع إليهما على وجه يحصل الظنّ بالطريق أو بالحكم ، وإذاً يجب العمل بالروايات التي يظنّ بصدورها للظنّ بوجود السنّة فيها (١).
والفرق بين هذا الوجه والوجهين السابقين أنّ متعلّق العلم الإجمالي في هذا الوجه هو ما ورد في الكتاب والسنّة ، وفي الوجهين السابقين هو الأحكام الواقعيّة.
والصحيح في الجواب عنه أن يقال : إن كان المراد من السنّة هذه الأخبار الحاكيّة لقول المعصوم عليهالسلام أو فعله أو تقريره الموجودة في كتب الحديث بما هي هي ، أي أنّ لهذه الأخبار موضوعيّة فوجوب الرجوع إليها بهذا الوجه أوّل الكلام ، وإن كان المراد أنّها بما هي طريق إلى أحكام الله الواقعيّة وبما أنّا نعلم بصدور كثير منها فإن أمكن الاحتياط والإتيان بجميع الأخبار فيرجع إلى الوجه الأوّل ويكون الجواب هو الجواب ، وإن لم يمكن الاحتياط فيرجع إلى دليل الانسداد الآتي.
قد تلخّص من جميع ما ذكرنا من أدلّة حجّية خبر الواحد أنّ الأدلّة التامّة الدلالة أو المقبولة عندنا أربعة :
__________________
(١) هداية المسترشدين : ص ٣٩١ ، ( حكى عنه في فرائد الاصول : ج ١ ، ص ١٧٢ ، طبع جماعة المدرّسين ).