أهل الحرمين أو الصحابة أو أهل المدينة وغيرها من الأقوال ، فإنّ هذا الحديث لا يصلح لإثباتها ، فالذي يثبت به إنّما هو حجّية إجماع الامّة وهذا ممّا لا بأس بالالتزام به عند الإماميّة أيضاً لاعتقادهم بوجود المعصوم عليهالسلام في الامّة في كلّ زمان ، فلعلّ جعل الحجّية من ناحية النبي صلىاللهعليهوآله لاشتمالها على المعصوم عليهالسلام لا من حيث هي هي ، ولا يخفى أنّ هذا الجواب يجري حتّى لو كان في متن الحديث كلمة « الخطأ » لا الضلالة.
وعلى كلّ ، هذه الرّواية لا تصدق فيما إذا خالفت طائفة من الامّة فتنحصر طبعاً في خصوص الضروريات ، وإذن يكون مفادها مقبولاً معقولاً بل يمكن تأييدها بدليل العقل لأنّ الخطأ في ما ثبتت ضرورته من الدين محال عادة.
وأما قوله صلىاللهعليهوآله في ذيل النقل الأوّل : « فعليكم بالسواد الأعظم » فقد ورد مثل هذا التعبير في نهج البلاغة في كلام الإمام أمير المؤمنين عليهالسلام حيث قال : « والزموا السواد الأعظم فإنّ يد الله مع الجماعة وإيّاكم والفُرقة فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان كما أنّ الشاذّ من الغنم للذئب » (١).
والإنصاف أنّه لا ربط له بمسألة الإجماع في الفروع بل هذا الذيل بقرينة صدره وهو : « لا تجتمع على ضلالة » منصرف إلى الاصول كما مرّ.
كما أنّ ذيل ما نقلناه من كلام أمير المؤمنين عليهالسلام وهو : « إيّاكم والفُرقة فإنّ الشاذّ من الناس للشيطان » شاهد على أنّ المقصود من صدره أيضاً المسائل الاعتقاديّة ولا ربط له بالفروع لأنّه لا إشكال ولا خلاف في أنّه لو خالف بعض الفقهاء بعضاً في بعض الفروع الدينيّة لم يكن فيه محذور وليست هذه الفرقة مذمومة ناشئة من الشيطان ، وكم له من نظير في المباحث الفقهيّة.
هذا كلّه بالنسبة إلى دليل السنّة.
أمّا الخاصّة فلهم في حجّية الإجماع المحصّل مسالك أربعة :
__________________
(١) نهج البلاغة : صبحي الصالح ، خ ١٢٧.