واخرى بأنّه سلّمنا كون منصرف الآية الإخبار بلا واسطة إلاّ أن العرف يلغي الخصوصيّة.
وثالثة : بأنّ الإجماع المركّب قام على أنّ خبر الواحد إمّا حجّة مطلقاً ( سواء كان مع الواسطة أو بلا واسطة ) أو ليس بحجّة كذلك.
وفيه : بما أن هذه المسألة معلومة المدرك فلا فائدة في الإجماع البسيط فيها فضلاً عن الإجماع المركّب.
ورابعة : بأنّ المحال إنّما هو إثبات الحكم موضوع شخص الحكم لا إثباته موضوع فرد آخر من الحكم ، فإنّ خبر الشيخ المحرز بالوجدان يجب تصديقه وبتصديقه يحصل لنا موضوع آخر ، وهو خبر المفيد رحمهالله ، وله وجوب تصديق آخر وهكذا.
وخامسة : بأنّه يكفي في صحّة التعبّد كون المتعبّد به ممّا له دخل في موضوع الحكم ولا دليل على لزوم ترتّب تمام الأثر عليه ، ففي ما نحن فيه حيث تنتهي سلسلة الأخبار إلى قوله عليهالسلام فلكلّ واحد منها دخل في إثبات قوله الذي له الأثر الشرعي ، وهذا المقدار كافٍ في صحّة التعبّد به ، فليس هنا أحكام متعدّدة حتّى يستشكل باتّحاد الحكم والموضوع وغير ذلك بل هنا حكم واحد ، وكلّ ما في سلسلة السند من الرجال جزء لموضوعه.
٢ ـ آية النفر :
قوله تعالى : ( وَمَا كَانَ الْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُوا كَافَّةً فَلَوْلَا نَفَرَ مِنْ كُلِّ فِرْقَةٍ مِنْهُمْ طَائِفَةٌ لِيَتَفَقَّهُوا فِي الدِّينِ وَلِيُنذِرُوا قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوا إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ ) (١) وقد وقع البحث عنها في ثلاث مقامات : الأوّل : في تفسير الآية ، الثاني : في كيفية الاستدلال بها ، الثالث : في الإشكالات الواردة عليها والجواب عنها.
أمّا المقام الأوّل : فقد ذكر في تفسيرها وجوه خمسة :
الوجه الأوّل : أن يكون المراد من النفر فيها الخروج إلى الجهاد غاية الأمر إنّها تنهى
__________________
(١) سورة التوبة : الآية ١٢٢.