فإذا لم يكن في مورد أثر شرعي للخبر إلاّنفس وجوب التصديق الثابت بدليل حجّية الخبر لم يمكن ترتيب هذا الأثر ، لما سبق من وحدة الحكم والموضوع وهو محال والمقام من هذا القبيل لأنّه إذا أخبرنا الصدوق رحمهالله مثلاً بقوله : « قال الصفّار قال : « الإمام العسكري عليهالسلام ... » لم يترتّب على إخبار الصدوق سوى وجوب تصديق قول الصفّار لأنّ الأثر العملي إنّما يترتّب على قول المعصوم فقط لا غير. وحينئذٍ فوجوب تصديق الصدوق بمقتضى آية النبأ حكم وموضوعه ( أي الأثر المترتّب على خبر الصدوق ) أيضاً وجوب تصديق الصفّار ، فيلزم اتّحاد الحكم والموضوع ، وهو محال.
وإن شئت قلت : يلزم اتّحاد الحكم والموضوع أو كون الحكم ناظراً إلى نفسه.
توضيحه : إذا قلنا بدلالة الآية على حجّية خبر الواحد يلزم أن يكون الأثر الذي بلحاظه وجب تصديق العادل ( أي الأثر الذي يكون موضوعاً لحكم وجوب التصديق ) نفس تصديقه من دون أن يكون في البين أثر آخر كان وجوب التصديق بلحاظه ، مع أنّ وجوب التعبّد بالشيء لابدّ وأن يكون بلحاظ ما يترتّب على الشيء من الآثار الشرعيّة ، وإلاّ فلو فرضنا خلوّ الشيء عن الأثر الشرعي لما صحّ إيجاب التعبّد الشرعي به ، وعليه فلو كان الراوي حاكياً قول الإمام فوجوب التصديق بلحاظ ما يترتّب على قول الإمام عليهالسلام من الآثار ، كحرمة الشيء ووجوبه ، ولو كان المحكي قول غيره كحكاية الصدوق رحمهالله قول الصفّار فالأثر المترتّب على قول الصفّار ليس إلاّوجوب تصديقه ، فيلزم اتّحاد الحكم ( وجوب التصديق ) والموضوع ( الأثر الشرعي ) وكون الحكم ناظراً إلى نفسه.
الوجه الثالث : لزوم إيجاد الحكم لموضوعه مع أنّه لابدّ من وجود الموضوع في الرتبة السابقة على الحكم ، فإنّ الشيخ إذا أخبر عن المفيد رحمهالله وهو عن الصدوق رحمهالله فالمصداق الوجداني لنا هو قول الشيخ ، فيجب تصديقه ، وأمّا قول المفيد رحمهالله إلى أن ينتهي إلى الإمام فإنّما يصير مصداقاً لموضوع قولنا : « صدق العادل » بعد تصديق الشيخ قدسسره فيلزم إثبات الموضوع بالحكم ، وهو محال.
وقد اجيب عن هذا الإشكال : تارةً بأنّ لزوم وجود الموضوع في الرتبة السابقة على الحكم إنّما هو في القضايا الخارجيّة مع أنّ أدلّة الحجّية من القضايا الحقيقيّة الشاملة للموضوعات المحقّقة والمقدّرة ، ولا مانع فيها من تحقّق الموضوع بها وشمولها لنفسها.