وقد قيّد هذا الإطلاق في موارد الموضوعات بضمّ عدل آخر وعدم الاكتفاء بعدل واحد ، وهذا لا ينافي حجّية أصل المفهوم ، فلو دلّت عليها الآية الشريفة لم يكن تقييد إطلاقه بالنسبة إلى مورده مانعاً عن تحقّقه ، والذي لا يجوز في الكلام إنّما هو خروج المورد برأسه لا ما إذا كان داخلاً مع قيد أو شرط.
الإشكال الثالث : أنّه لو دلّت الآية على حجّية خبر الواحد لكان الإجماع الذي إدّعاه السيّد رحمهالله على عدم حجّية خبر الواحد أيضاً حجّة لأنّه من مصاديق خبر الواحد ، فيلزم من حجّية خبر الواحد عدم حجّيته ، وهو من قبيل ما يلزم من وجوده عدمه وهو محال.
والجواب عن هذا واضح صغرى وكبرى ، أمّا الكبرى : فلما مرّ من أنّ خبر الواحد لا يعمّ هذا القبيل من الإجماعات لأنّها من أقسام الإجماع الحدسي لا الحسّي.
وأمّا الصغرى : فلأنّا نعلم بأنّ ما إدّعاه السيّد المرتضى رحمهالله من الإجماعات مبنيّة على أصل أو قاعدة ، وليست بمعنى الإجماع على مسألة خاصّة.
الإشكال الرابع : تعارض هذه الآية مع الآيات الناهيّة عن العمل بغير علم ، والنسبة بينهما العموم من وجه فتتعارضان في مورد الاجتماع وهو خبر العادل الذي يوجب الظنّ بالحكم فتقدّم الآيات الناهيّة على هذه الآية لكونها أقوى ظهوراً.
والجواب عن هذا ظهر ممّا سبق في مقام التعرّض للآيات الناهيّة ، فقد قلنا هناك أنّ المقصود من الظنّ الوارد في تلك الآيات هو الأوهام والخرافات التي لا أساس لها وعليه لا تعارض بينهما.
الإشكال الخامس : ( وهو المهمّ ) ما لا يختصّ بآية النبأ بل يرد على جميع أدلّة حجّية خبر الواحد ، وهو عدم شمول أدلّة الحجّية للأخبار مع الواسطة مع أنّ المقصود من حجّية خبر الواحد هو إثبات السنّة بالأخبار التي وصلت إلينا مع الواسطة عن الحجج المعصومين عليهمالسلام.
ويمكن بيانه بوجوه :
الوجه الأوّل : دعوى انصراف الأدلّة عن الإخبار مع الواسطة.
الوجه الثاني : اتّحاد الحكم والموضوع ببيان : أنّ حجّية الخبر التي يعبّر عنها بوجوب تصديق العادل إنّما هي بلحاظ الأثر الشرعي الذي يترتّب على المخبر به ، إذ لو لم يكن له أثر شرعي كانت الحجّية لغواً ولا يصحّ التعبّد به ، ومن المعلوم لزوم تغاير كلّ حكم مع موضوعه