نعم هذا صادق بالنسبة إلى جملة من سائر الأدلّة لحجّية خبر الواحد كقوله عليهالسلام : « ما أدّيا عنّي فعنّي يؤدّيان ».
الوجه الثالث : ما أجاب به شيخنا العلاّمة رحمهالله في الدرر وهو : « أنّ التعليل لا يدلّ على عدم جواز الاقدام بغير العلم مطلقاً بل يدلّ على عدم الجواز فيما إذا كان الاقدام في معرض حصول الندامة ، واحتماله منحصر فيما لم يكن الاقدام عن حجّة فلو دلّت الآية بمفهومها على حجّية خبر العادل فلا يحتمل أن يكون الإقدام على العمل به مؤدّياً إلى الندم فلا منافاة بين التعليل ومفهوم الآية أصلاً » (١).
ويمكن أن يقال في توضيح ما أفاده بأنّ الموجب للندم هو ما كان معرضاً للندامة غالباً وخبر العادل ليس كذلك ، ووقوع الخطأ فيه أحياناً كوقوع الخطأ في العلم لا يوجب الندم ولا ترك العمل به.
الوجه الرابع : أنّه فرق بين الجهل والعلم في مصطلح المنطق وفي العرف واللغة فالعلم المصطلح في المنطق هو درجة المائة في المائة من اليقين ، وفي مقابله الجهل المصطلح ، وأمّا العلم العرفي الاصولي فليس بتلك الدرجة بل يعدّ العمل بالظواهر وما أشبهها من العمل بالعلم عند العرف وإن لم يكن علماً قطعيّاً.
هذا كلّه بالنسبة إلى الإشكال الأوّل الوارد على الاستدلال بالآية.
الإشكال الثاني : أنّه على تقدير دلالة الآية على المفهوم يلزم خروج المورد عن مفهوم الآية لأنّ موردها وهو الإخبار عن ارتداد جماعة ( وهم بنو المصطلق ) من الموضوعات فلا يثبت بخبر العدل الواحد ، وخروج المورد أمر مستهجن عند العرف فيكشف عن عدم المفهوم للآية المباركة.
وفيه : أوّلاً : نحن في فسحة عن هذا الإشكال ، لأنّ المختار حجّية خبر الواحد حتّى في الموضوعات ، ( إلاّ في باب القضاء لما ورد فيه من دليل خاصّ بل لابدّ فيه في بعض الموارد من قيام أكثر من اثنين من الشهود ).
ثانياً : أنّ هذا ينافي إطلاق المفهوم لا أصله حيث إنّه يدلّ على حجّية خبر العادل مطلقاً ،
__________________
(١) راجع فوائد الأصول ، ج ٢ ، ص ٣٨٥ ـ ٣٨٦ ، طبع جماعة المدرّسين.