وافتقدت الزهراء زوجها علياً عليهالسلام ، وأين هو من هذا الخضم ؟ الذي تتعالى
أمواجه ، وتتقاذف الناس من المسلمين حسب الأهواء ... والأغراض ...
وإذا به عليهالسلام
قد انصرف مع جماعة ، من خيار الصحابة عن كل شيء ، ولم يعد من هم لهم إلا تجهيز
النبي لمثواه الأخير.
حدث كل هذا « وفاطمة » يغشى عليها ساعة
بعد ساعة ، لكنها أخيراً جمعت كيانها المشتت ... وتحاملت على نفسها ، وذهبت تسعى
الى قبر الحبيب أبيها الرسول (ص).
ويا له من منظر يفتت الأكباد ، ويتصدع
له الصخر الأصم.
ألقت بنفسها على القبر ، ووقعت مغشياً
عليها ، ولما أفاقت من غشيتها صاحت من قلب كئيب :
يا أبتاه ... أجاب ربا دعاه ... يا أبتاه
في جنة الفردوس مأواه.
وفي طبقات ابن سعد : أن فاطمة قالت : يا
أبتاه ، إن جبريل ينعاه ، يا أبتاه ، مِن ربه ما أدناه ، يا أبتاه من جنان الفردوس
مأواه ، يا أبتاه ، أجاب رباً دعاه.
وخنقتها العبرات ، فبكت عليهاالسلام ، حتى تقرحت أجفانها ، وبكى الناس
لبكائها ، ثم استرجعت وقالت :
اغبرَّ آفاق السماء وكورت
|
|
شمس النهار وأظلم العصران
|
فالأرض من بعد النبي كئيبة
|
|
أسفاً عليه كثيرة الرجفان
|
فليبكه شرق البلاد وغربها
|
|
ولتبكه مضر وكل يماني
|
وليبكه الطود المعظم جوده
|
|
والبيت ذو الأستار والأركان
|
يا خاتم الرسل المبارك ضوءه
|
|
صلى عليك منزل القرآن
|