تمهيد
الإنسان عالم في حد ذاته ، ففي تركيب جسمه وقواه ومواهبه ، ورغباته وحاجاته كذلك عواطفه ومشاعره ، وعلاقته بكل ما يحيط به من ألوف الأشياء ، وتاثره فيها ، وتأثيرها عليه ، كل هذه الأشياء تحتضن عالماً بنفسه لا يدرك كنهه.
وتحسب انك جرم صغير |
|
وفيك انطوى العالم الأكبر |
لقد حاول الإنسان بما اوتي من تدبير وتفكير ، ان يجد قانوناً شاملاً ، وحلاً عادلاً ، يتماشى مع جميع متطلبات أفراد البشر.
ولكن أكثر هذه المحاولات كانت تأتي بنتائج معكوسة ؛ فيصبح الحيف ، والظلم ، على الإنسان الضعيف ، وهو المرأة.
إن لرغبات النفس ونوازعها وعواطفها وميولها ، التأثير البالغ في تفكير الإنسان ، تصرفه عن الحقائق ، وتضله عن جادة الصواب. لو راجعنا بطون التاريخ واستنطقنا صفحاته لرأينا سلسلة من الاضطهاد والحرمان ، جارية في جميع أدواره وبين الأمم والشعوب القديمة من دون استثناء ، عند أهل الحضارة والرقي أو أهل البداوة والجاهلية أو أهل الشرائع والأنظمة المدنية ، وكلها جائرة في حق المرأة.
ففي البلدان المتحضرة والشعوب المتمدنة ، ظهرت شريعة حمورابي في بابل