طالب الاسلام الإنسان رجلاً كان أم امرأة ، بانشاء نفس راقية ، وتصفيتها من نوازع النفس البشرية ، ومن أدران المادة الدنيئة ، وبالابتعاد عن صفات الروح الحيوانية. ودله على السبيل إلى ذلك. فسن له سننا ووجهه إلى طرق اسماها العبادات كقوله تعالى : ( وَمَا خَلَقْتُ الجِنَّ وَالإِنسَ إِلاَّ لِيَعْبُدُونِ ) (١).
طلب منه الصلاة ، بان يذكر ربه اناء الليل وأطراف النهار ، ويتهجد له بكرة وعشيا.
يقف بين يديه متوجهاً اليه بجنانه ، سامياً عن الدنيا بنفسه ، محلقاً في ملكوت ربه بروحه. فيخشع قلبه لما تنقشع الغشاوة عن بصيرته ، فيرى بوجدانه عظمة الباري وقدرة الخالق ، ويكون مشدوداً اليه في كل حركاته وسكناته ، في قيامه ، وركوعه ، وسجوده.
هي الصلاة « سراج كل مؤمن » كما ورد في الحديث : « هي السلم الذي يرتقي به المؤمن متعالياً عن المفاسد الدنيا ... وهي أيضاً قربان كل تقي ».
بالصلاة يتقرب العبد إلى ربه ، ويشف اهابه ، وتسمو نفسه وتتهاوى سدود انانيته.
ولقد قال الرسول الاعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم : « من لم تنهه صلاته عن الفحشاء والمنكر لم يزدد من الله إلا بعداً ». وقال أيضاً : « لا صلاة لمن لم يطع الصلاة ... » وطاعة الصلاة ان ينتهى المصلي عن المعصية وفعل المنكرات. وقال الإمام جعفر الصادق (ع) : « من احب ان يعلم أقبلت صلاته أم لم تقبل فلينظر هل منعته عن الفحشاء والمنكر ؟ فبقدر ما منعته قبلت منه ».
__________________
(١) سورة الذاريات ـ اية ـ ٥٦.