ونحن عندما نذكر بعض اللواتي تحملن الأذى من سادات قريش وجبابرتها ، وصبرن على العذاب لا ننسى النهدية ... وابنتها ، وكانتا لامرأة من بني عبد الدار. فكانت تعذبهما وتقول : والله لا أدعكما إلا أن تكفرا بمحمد.
وام عبيس : وهي أمة لبني زهرة. فكان الأسود ابن عبد يغوث يعذبها (١) وغيرهن كثيرات. مما يضيق المجال عن الإحاطة بهن.
الواقع أن الانقلاب الذي أحدثه محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم بإبلاغ التعاليم السماوية والنظم الإسلامية لبني البشر ، والانتقال فجأة من طور ... إلى طور ... كان شبه المستحيل.
ورغم أن التقاليد التي صاغتها العصور والعادات التي فرضتها الأجيال ، والتي يتوارثها الأبناء عن الآباء ، لا يمكن أن تزول دفعة واحدة ، ولا تندثر أو تتبدل إلا بمدة طويلة من الزمن.
لكن التعاليم الإسلامية الجديدة ، قلبت نظام المجتمع العربي ، وأسرعت إلى قلوب المسلمين ، واحتلت الصدارة في نفوس المؤمنين. فإذا بأولئك الرجال الذين كانوا بالأمس القريب ، يعتبرون المرأة مخلوقاً وضيعاً لا تصلح إلا للخدمة أو للمتعة. نجدهم ينقلبون فجأة وبسرعة مدهشة ، إلى اعتبار النساء وإكرامهن حسب التعاليم النبوية وتوجيه الرسول الكريم.
__________________
(١) سيرة ابن هشام ج ١ ـ ص ٣٤٠ ـ والكامل في التاريخ لابن الاثير ج ٢ ص ٤٦.