في المدينة المنورة ، وفي بيت الرسول العظيم أقامت فاطمة عليهاالسلام ، تملأ بيت أبيها بعد الوحشة ، وتسهر على راحة ، ذلك الوالد العظيم ، بكل سرور واعتزاز. وقد سبحت عليهاالسلام شاكرة الباري سبحانه وتعالى على نعمه وآلائه وهي ترى أباها النبي عليه وآله الصلاة والسلام في أعز موضع مع أصحابه الذين يفدونه بالمهج والأرواح.
وكان رسول الله (ص) قبل وصول الزهراء إلى المدينة بمدة وجيزة آخى بين المهاجرين والأنصار وذلك لحكمة بالغة حتى لا يشعرون بوحشة الاغتراب وتجتمع كلمتهم ويشد ازر بعضهم بعضاً.
وفي السنة الثانية للهجرة من شهر رمضان المبارك ، زوج النبي (ص) ابنته فاطمة من علي عليهالسلام وبذلك أصبح علي صهر النبي ... وابن عمه وأخاه.
ويذكر أهل السير ، انه لما عزم النبي على تزويج علي بن ابي طالب من ابنته فاطمة الزهراء عليهماالسلام ، جمع الصحابة وخطب فيهم قائلاً (١) « الحمد لله المحمود بنعمته ، المعبود بقدرته ، المطاع سلطانه ، المرغوب عن عذابه وسطوته النافذ أمره في سمائه وأرضه ، الذي خلق الخلق بقدرته وميزهم باحكامه وأعزهم بدينه وأكرمهم بنبيه محمد (ص) وإن الله تبارك وتعالى اسمه وتعالت عظمته ، جعل المصاهرة سبباً لاحقاً وأمراً مفترضاً وانتهج بها الارحام وانتظم بها الانام وقال عز من قائل : « وهو الذي خلق من الماء بشراً فجعله نسباً وصهراً وكان
__________________
(١) ينابيع المودة ـ للقندوزي ـ الحنفي ـ ص ٢٠٧.