مع أنّه لو اعتبر عدم المعرفة الإجماليّة أيضا لم يتحقّق مورد لذلك الخمس أصلا ، إذ يعلم في كلّ مورد اجتمع فيه الحلال والحرام القدر الذي لا أقلّ من كلّ منهما ، وكذا القدر الذي لا يزيد عنه.
فإن قيل : فيلزم وجوب الخمس في صورة العلم بأنّه لا يزيد عن العشر مثلا وإن احتمل النقص ، أو العلم بأنّه لا ينقص عن الربع مع احتمال الزيادة ، فيلزم إيجاب الزائد عن الحرام في الأول ، وإبقاء الحرام في الثاني.
قلنا : لا ضير في اللازم ، لجواز أن يكون إيجاب الزائد في الأول لتحليل العين المخلوطة ، فإنّ بإخراج العشر المعلوم لا يحصل العلم إلاّ بإخراج قدر الحرام دون أعيانه الداخلة في المال ، مع أنّه أيضا يعطي لغير مالكه ، فيمكن أن يكون الزائد لجبر هذين الأمرين.
وكذا يمكن أن يكون إخراج الخمس موجبا لتطهير المال وحلّيته ، وإن كان فيه شيء حرام مجهول العين والمالك ، فلا يضرّ بقاء الزائد.
فإن قيل : صرّحوا باشتراط عدم المعرفة الإجماليّة أيضا في وجوب الخمس.
قلنا : لم يصرّح به إلاّ بعض نادر من المتأخّرين (١) ، ولا حجّية في مثل ذلك التصريح.
ومن ذلك ثبتت صحّة تخصيصهم الخمس بالقسم الأول.
وأمّا غيره ، فإن كان من القسم الثاني فحكمه واضح.
وإن كان من الثالث ، يجب ردّ ما علمت منه الحرمة ـ أي القدر المتيقّن انتفاؤه عنه ـ إلى مالكه.
لرواية عليّ بن أبي حمزة ، وفيها : إنّي كنت في ديوان هؤلاء القوم
__________________
(١) كالشهيد في المسالك ١ : ٦٧.