كما يأتي ، ومرادنا هنا بيان الأصل في وقت النيّة.
وقد ظهر بذلك الجمع بين قول من ظاهره أو صريحه تحتّم إيقاعها ليلا ـ كالعماني والمفيد والنافع والمفاتيح (١) ـ وقول من قال بجواز التأخير إلى طلوع الفجر بحيث يتقارنان ـ كآخرين (٢) ـ بحمل قول الأولين على الوجوب التبعي ، وقول الآخرين على الأصلي.
وصرّح بذلك في المنتهى ، قال ـ بعد تجويز المقارنة للطلوع ، والاستدلال للمخالف بالنبويّين ـ : والجواب : أنّه لمّا تعذّر إيقاع العزم مع الطلوع ـ لعدم ضبطه ـ لم يكلّف الرسول به ، وبعده لا يجوز ، فوجبت القبليّة ، لذلك ، لا أنّها في الأصل واجبة قبل الفجر (٣). ونحوه في التذكرة (٤).
فائدة : قد بيّنا أنّ النيّة المشروطة مقارنتها للعمل أعمّ من الفعليّة ، التي هي عبارة عن حضور العزم على الفعل متقرّبا في البال ملتفتا إليه.
ومن الحكميّة ، التي هي عبارة عن حضور العزم المذكور في وقت وعدم قصد الترك ولا التردّد ولا نسيان العزم بعده ، إلى أن يشتغل بالعمل ، بحيث يكون العزم مودعا في خزينة الخيال وإن لم يكن ملتفتا إليه أصلا ، وذلك غير النسيان. ألا ترى أنّه لا يقال لكلّ أحد : أنّه نسي اسمه واسم أبيه وولده ، مع أنّه غير ملتفت إليها في أكثر الأحوال.
نعم ، يكون بحيث لو التفت إلى العمل لوجد العزم عليه باقيا في
__________________
(١) حكاه عن العماني في المختلف : ٢١١ ، المفيد في المقنعة : ٣٠٢ ، النافع : ٦٥ ، المفاتيح ١ : ٢٤٣.
(٢) منهم الشهيد الثاني في الروضة ٢ : ١٠٦ ، السبزواري في الذخيرة : ٥١٣ ، صاحب الرياض ١ : ٣٠١.
(٣) المنتهى ٢ : ٥٥٨.
(٤) التذكرة ١ : ٢٥٦.