ثمَّ لمّا استشعر بعضهم بأنّ كثيرا من أصحاب الأئمّة وعلماء الأمّة في بعض الموارد الشرعيّة ـ كصوم الشهر ـ لا يلتفت إلى فعليّة النيّة ، مضافا إلى عدم الالتفات إليها في أفعالنا الحاصلة بالقصد والاختيار ، فرأى ذلك ثابتا بل مجمعا عليه ، فشرع في إبداء الوجوه الضعيفة والتعليلات العليلة للكفاية ، ومن لم يستشعر بذلك ردّ تلك الوجوه ، ومن تحقّق ما ذكرناه في أمر النيّة يسهل عليه الخروج من هذه الخلافات.
المسألة الخامسة : لا يجوز تأخير النيّة عن الطلوع المستلزم تبعا وجوب تقديمها عليه في صوم شهر رمضان ونحوه من الواجبات المعيّنة ، عمدا مع العلم بالشهر أو المعيّن ، ولو أخّر عمدا يفوت عنه الصوم ، ونسبه في المدارك ـ في مسألة من نوى الإفطار ثمَّ جدّد في يوم من شهر رمضان ـ إلى المعروف من مذهب الأصحاب (١) ، وفي الحدائق : أنّ ظاهر كلام جملة منهم الاتّفاق عليه (٢).
للأصل المذكور ، والنبويّين المتقدّمين (٣).
خلافا لظاهر الإسكافي على ما قيل (٤) ، والسيّد (٥) والنافع (٦) ، فيجوز التأخير عنه إلى الزوال ، وصرّح في الشرائع بانعقاد الصوم لو دخل النهار بنيّة الإفطار ثمَّ جدّد النيّة قبل الزوال (٧).
ويمكن أن يستدلّ لهم بإطلاق صحيحة الحلبي أو عمومها الحاصل من ترك الاستفصال : قلت : فإنّ رجلا أراد أن يصوم ارتفاع النهار أيصوم؟
__________________
(١) المدارك ٦ : ٣٩.
(٢) الحدائق ١٣ : ٤٧.
(٣) في ص : ٢٠٤.
(٤) في المختلف : ٢١١.
(٥) السيد في جمل العلم والعمل ( رسائل الشريف المرتضى ٣ ) : ٥٣.
(٦) النافع : ٦٥.
(٧) الشرائع ١ : ١٨٨.