فى «أن» بغير «لا» لكان صوابا ؛ كقولك حسبت أن تقول ذاك ؛ لأنّ الهاء تحسن فى «أن» فتقول حسبت أنه يقول ذاك ؛ وأنشدنى القاسم (١) بن معن :
إنى زعيم يا نوي |
|
قة إن نجوت من الزواح (٢) |
وسلمت من عرض الحتو |
|
ف من الغدوّ إلى الرواح (٣) |
أن تهبطين بلاد قو |
|
م يرتعون من الطلاح (٤) |
فرفع (أن تهبطين) ولم يقل : أن تهبطى.
فإذا كانت «لا» لا تصلح مكانها «ليس» فى «حتى» ولا فى «أن» فليس إلا النصب ، مثل قولك : لا أبرح حتى لا أحكم أمرك. ومثله فى «أن» : أردت أن لا تقول ذاك. لا يجوز هاهنا الرفع.
والوجه الثالث فى يفعل من «حتى» أن يكون ما بعد «حتى» مستقبلا ، ـ ولا تبال كيف كان الذي قبلها ـ فتنصب ؛ كقول الله جل وعز (لَنْ نَبْرَحَ عَلَيْهِ عاكِفِينَ حَتَّى يَرْجِعَ إِلَيْنا مُوسى) (٥) ، و (فَلَنْ أَبْرَحَ الْأَرْضَ حَتَّى يَأْذَنَ لِي أَبِي) (٦) وهو كثير فى القرآن.
وأمّا الأوجه الثلاثة فى الأسماء فأن ترى بعد حتى اسما وليس قبلها شىء يشاكله يصلح عطف ما بعد حتّى عليه ، أو أن ترى بعدها اسما وليس قبلها شىء.
__________________
(١) هو قاضى الكوفة ، من ذرية عبد الله بن مسعود رضى الله عنه. توفى سنة ١٧٥ ، وانظر شذرات الذهب.
(٢) فى ش : الزراح. وهو شدة الضعف فى الإبل حتى تلصق بالأرض فلم يكن بها تهوض ، والزواح هو الذهاب ، وأزاحه عن موضعه : نحاه. وكتب على هامش أ ، جأى الموت وهو تفسير للزواح.
(٣) «من الغدو» فى أ ، ش : «مع الغدوّ». والعرض : ما يحدث من أحداث الدهر. والحتوف جمع الحنف وهو الموت.
(٤) الطلاح واحدها طلحة ؛ وهى شجرة طويلة لها طل يستظل بها الإنسان والإبل.
(٥) آية ٩١ سورة طه.
(٦) آية ٨٠ من سورة يوسف.