قال : (الكمأة (١) من المنّ وماؤها شفاء للعين). وأما السّلوى فطائر كان يسقط عليهم لما أجموا (٢) المنّ شبيه بهذه السّمانى ، ولا واحد للسّلوى.
وقوله : (وَقُولُوا حِطَّةٌ ...) (٥٨)
يقول ـ والله أعلم ـ قولوا : ما أمرتم به ؛ أي هى حطة ؛ فحالفوا إلى كلام بالنّبطية ، فذلك قوله : (فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ).
وبلغني أنّ ابن عباس قال : أمروا أن يقولوا : نستغفر الله ؛ فإن يك كذلك فينبغى أن تكون (حِطَّةٌ) منصوبة فى القراءة (٣) ؛ لأنك تقول : قلت لا إله إلا الله ، فيقول القائل : قلت كلمة صالحة ، وإنما تكون الحكاية إذا صلح قبلها إضمار ما يرفع أو يخفض أو ينصب ، فإذا ضممت ذلك كله فجعلته كلمة كان منصوبا بالقول كقولك : مررت بزيد ، ثم تجعل هذه كلمة فتقول : قلت كلاما حسنا* ثم تقول : قلت زيد قائم ، فيقول : قلت كلاما (٤).* وتقول : قد ضربت عمرا ، فيقول أيضا : قلت كلمة صالحة.
فأما قول الله تبارك وتعالى : (سَيَقُولُونَ ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) (٥) إلى آخر ما ذكر من العدد فهو رفع لأن قبله ضمير أسمائهم ؛ سيقولون : هم ثلاثة ، إلى آخر الآية. وقوله : (وَلا تَقُولُوا ثَلاثَةٌ انْتَهُوا خَيْراً لَكُمْ) (٦) رفع ؛ أي قولوا : الله واحد ، ولا تقولوا
__________________
(١) هذا الحديث رواه الشيخان وغيرهما. وانظر الجامع الصغير فى حرف الكاف.
(٢) أجم الطعام واللبن وغيرهما : كرهه ومله من المداومة عليه.
(٣) النصب على وجهين ؛ أحدهما ـ إعمال الفعل فيها وهو «قولوا» أي قولوا كلمة تحط عنكم أو زاركم. والثاني ـ أن تنسب على المصدر بمعنى الدعاء والمسألة ؛ أي حط اللهم أوزارنا وذنوبنا حطة. وبالنصب قرأ ابن أبى عبلة وطاوس اليماني. والقراءة العامة بالرفع على أنها خبر مبتدأ محذوف ؛ أي مسئلتنا حطة ، أو أمرك حطة ؛ قال النيسابورى : وأصله النصب ، ومعناه اللهم حط عنا ذنوبنا فرفعت لإفادة الثبوت.
(٤) ما بين النجمتين ساقط من ج ، ش.
(٥) آية ٢٢ سورة الكهف.
(٦) آية ١٧١ سورة النساء.