وقوله : (مَنْ أَنْصارِي إِلَى اللهِ) المفسّرون يقولون : من أنصارى مع الله ، وهو وجه حسن. وإنما يجوز أن تجعل (إلى) موضع (مع) إذا ضممت الشيء إلى الشيء مما لم يكن معه ؛ كقول العرب : إن الذود إلى الذود إبل ؛ أي إذا ضممت الذود إلى الذود صارت إبلا. فإذا كان الشيء مع الشيء لم تصلح مكان مع إلى ، ألا ترى أنك تقول : قدم فلان ومعه مال كثير ، ولا تقول فى هذا الموضع : قدم فلان وإليه مال كثير. وكذلك تقول : قدم فلان إلى أهله ، ولا تقول : مع أهله ، ومنه قوله : (وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَهُمْ إِلى أَمْوالِكُمْ) (١) معناه : ولا تضيفوا أموالهم إلى أموالكم.
والحواريّون كانوا خاصّة عيسى. وكذلك خاصة رسول الله صلىاللهعليهوسلم يقع عليهم الحواريّون. وكان الزبير يقال له حوارىّ رسول الله صلىاللهعليهوسلم. وربما جاء فى الحديث لأبى بكر وعمر وأشباههما حوارىّ. وجاء فى التفسير أنهم سمّوا حواريين لبياض ثيابهم (٢).
ومعنى قوله : (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) (٥٤)
نزل هذا فى شأن عيسى إذ أرادوا قتله ، فدخل بيتا فيه كوّة (٣) وقد أيّده الله تبارك وتعالى بجبريل صلىاللهعليهوسلم ، فرفعه إلى السماء من الكوّة ، ودخل عليه رجل منهم ليقتله ، فألقى الله على ذلك الرجل شبه عيسى بن مريم. فلمّا دخل البيت فلم يجد فيه عيسى خرج إليهم وهو يقول : ما فى البيت أحد ، فقتلوه وهم يرون أنه عيسى. فذلك قوله (وَمَكَرُوا وَمَكَرَ اللهُ) والمكر من الله استدراج ، لا على مكر المخلوقين.
__________________
(١) آية ٢ سورة النساء.
(٢) من التحوير أي التبييض. ويقال لمن يغسل الثياب : يحوّرها إذ كان يزيل درنها ويعيدها إلى البياض.
(٣) بضم الكاف وفتحها ، وهى الثقب فى الحائط.