وأكثر الكلام فى هذا الموضع أن تطرح (إذ) فيقال :
بينا تبغيه العشاء وطوفه |
|
وقع العشاء به على سرحان (١) |
ومعناهما واحد ب (إذ) وبطرحها (٢).
وقوله : (الَّذِي يُسَيِّرُكُمْ) (٢٢)
قراءة العامّة. وقد ذكر عن زيد بن ثابت (ينشركم) قرأها أبو جعفر (٣) المدنىّ كذلك. وكلّ صواب إن شاء الله.
وقوله : (جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ) يعنى الفلك ؛ فقال : جاءتها ، وقد قال فى أوّل الكلام (وَجَرَيْنَ بِهِمْ) ولم يقل : وجرت ، وكلّ صواب ؛ تقول : النساء قد ذهبت ، وذهبن. والفلك تؤنث وتذكر ، وتكون واحدة وتكون جمعا. وقال فى يس (فِي الْفُلْكِ (٤) الْمَشْحُونِ) فذكّر الفلك ، وقال هاهنا : جاءتها ، فأنث. فإن شئت جعلتها هاهنا واحدة ، وإن شئت : جماعا. وإن شئت جعلت الهاء فى (جاءتها) للريح ؛ كأنك قلت : جاءت الريح الطيّبة ريح عاصف. والله أعلم بصوابه. والعرب تقول : عاصف وعاصفة ، وقد أعصفت الريح ، وعصفت. وبالألف لغة لبنى أسد ؛ أنشدنى بعض بنى دبير :
حتى إذا أعصفت ريح مزعزعة |
|
فيها قطار ورعد صوته زجل (٥) |
__________________
(١) التبغى : الطلب. والسرحان : الذئب. والطوف : الطواف. يريد أنه حين طلب الخير لنفسه أصابه الهلاك ، وقد ضرب له مثلا من يبغى العشاء فيصادفه ذئب يأكله ، وهو مثل لهم ؛ قال فى مجمع الأمثال : «يضرب فى طلب الحاجة يؤدّى صاحبها إلى التلف». وفى أصله أقاويل مختلفة.
(٢ ، ٣) وكذلك ابن عامر.
(٤) فى الآية ٤١
(٥) مزعزعة : شديدة تحريك الأشجار : وقطار جمع قطر ، يريد : ما قطر وسال من المطر. وزجل : مصوّت.