وقوله : (لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) (١٢٨)
فى نصيبه وجهان ؛ إن شئت جعلته معطوفا على قوله : (لِيَقْطَعَ طَرَفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا أَوْ يَكْبِتَهُمْ) أي (أَوْ يَتُوبَ عَلَيْهِمْ أَوْ يُعَذِّبَهُمْ) وإن شئت جعلت نصبه على مذهب حتّى ؛ كما تقول : لا أزال ملازمك أو تعطينى ، أو إلا أن تعطينى حقىّ.
وقوله : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ ...) (١٣٥)
يقال [ما قبل (١) إلا] معرفة ، وإنما يرفع ما بعد إلا بإتباعه ما قبله إذا كان نكرة ومعه جحد ؛ كقولك : ما عندى أحد إلا أبوك ، فإن معنى قوله : (وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللهُ) ما يغفر الذنوب أحد إلا الله ، فجعل على المعنى. وهو فى القرآن فى غير موضع.
وقوله : (إِنْ يَمْسَسْكُمْ قَرْحٌ ...) (١٤٠)
وقرح. وأكثر القرّاء على فتح القاف. وقد قرأ أصحاب عبد الله : قرح ، وكأنّ القرح ألم الجراحات ، وكأنّ القرح الجراح بأعيانها. وهو فى ذاته مثل قوله : (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ) (٢) ووجدكم (وَالَّذِينَ لا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ) (٣) وجهدهم ، و (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها) (٤) [ووسعها].
وقوله : (وَلِيَعْلَمَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا) يعلم المؤمن من غيره ، والصابر من غيره. وهذا فى مذهب أىّ ومن ؛ كما قال : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى) (٥) فإذا جعلت
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق. وهذا ذكر اعتراض على رفع المستثنى ، جوابه قوله بعد : «فإن معنى قوله ...».
(٢) آية ٦ سورة الطلاق. والضمّ قراءة الجمهور ، والفتح قراءة الحسن والأعرج ، كما فى البحر.
(٣) آية ٧٩ سورة التوبة.
(٤) آية ٢٨٦ سورة البقرة.
(٥) آية ١٢ سورة الكهف.