فقال : لعلّى ثم قال : أن يتندما ؛ لأن المعنى : لعلّ ابن أبى ذبّان أن يتندّم إن مالت بي الريح. ومثله قوله : (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنْكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْواجاً وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) (١) إلا أن الهاء من قوله (وَصِيَّةً لِأَزْواجِهِمْ) رجعت على (الذين) فكان الإعراب فيها أبين ؛ لأن العائد من الذّكر قد يكون خبرا ؛ كقولك : عبد الله ضربته.
وقال : (وَعَشْراً) ولم يقل : «عشرة» وذلك أن العرب إذا أبهمت العدد من الليالى والأيام غلّبوا عليه الليالى حتى إنهم ليقولون : قد صمنا عشرا من شهر رمضان ـ لكثرة تغليبهم الليالى على الأيام. فإذا أظهروا مع العدد تفسيره كانت الإناث بطرح الهاء ، والدّكران بالهاء ؛ كما قال الله تبارك وتعالى : (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) (٢) فأدخل الهاء فى الأيام حين ظهرت ، ولم تدخل فى (٣) الليالى حين ظهرن. وإن جعلت العدد غير متّصل بالأيام كما يتّصل الخافض بما بعده غلّبت الليالى أيضا على الأيّام. فإن اختلطا فكانت ليالى وأياما غلّبت التأنيث ، فقلت : مضى له سبع ، ثم تقول بعد : أيام فيها برد شديد. وأمّا المختلط فقول الشاعر (٤) :
أقامت ثلاثا بين يوم وليلة |
|
وكان النكير أن تضيف وتجارا |
فقال : ثلاثا وفيها أيام. وأنت تقول : عندى ثلاثة بين غلام وجارية ، ولا يجوز هاهنا ثلاث ؛ لأن الليالى من الأيام تغلب الأيام. ومثل ذلك فى الكلام أن تقول :
__________________
(١) آية ٢٤٠ سورة البقرة.
(٢) آية ٧ سورة الحاقة :
(٣) سقط فى ج.
(٤) هو النابغة الجعدي. والبيت من قصيدة مدح فيها النبي صلىاللهعليهوسلم وأوّلها :
خليلى عوجا ساعة وتهجرا |
|
ولو ما على ما أحدث الدهر أو ذرا |
وقد وصف فى البيت الشاهد بقرة وحشية أكل السبع ولدها ، فأقامت ثلاثة أيام تطلبه حتى وجدت شلوه وبقيته فأضافت أي حزنت وأشفقت أو ضافت أي تردّدت وذهبت هنا وهنا لا تلوى على شىء من فرط أساها ، وحأرت وصاحت وكان هذا كل ما وسعها ، ولم يكن لها نكير ما أصابها غير ما ذكر. وتضيف بضم التاء من أضاف ، أو بفتحها من ضاف. وانظر شواهد العيني على هامش الخزانة ٢ / ١٩٣