وقوله : (كَما أَرْسَلْنا فِيكُمْ ...) (١٥٠)
جواب لقوله : (فاذكرونى أذكركم) : كما أرسلنا ، فهذا جواب (مقدّم ومؤخّر) (١).
وفيها وجه آخر : تجعلها من صلة ما قبلها لقوله : (أَذْكُرْكُمْ) ألا ترى أنه قد جعل لقوله : (فَاذْكُرُونِي) جوابا مجزوما ، (فكان فى ذلك دليل) (٢) على أن الكاف التي فى (كما) لما قبلها ؛ لأنك تقول فى الكلام : كما أحسنت فأحسن. ولا تحتاج إلى أن تشترط ل (أحسن) ؛ لأن الكاف شرط ، معناه افعل كما فعلت. وهو فى العربية أنفذ (٣) من الوجه الأوّل مما جاء به التفسير ؛ وهو صواب بمنزلة جزاء يكون له جوابان ؛ مثل قولك : إذا أتاك فلان فأته ترضه. فقد صارت (فأته) و (ترضه) جوابين.
وقوله : (وَاشْكُرُوا لِي ...) (١٥٢)
العرب لا تكاد تقول : شكرتك ، إنما تقول : شكرت لك ، ونصحت لك. ولا يقولون : نصحتك ، وربما قيلتا ؛ قال بعض الشعراء :
هم جمعوا بؤسى ونعمى عليكم |
|
فهلّا شكرت القوم إذ لم تقاتل |
وقال النابغة :
نصحت بنى عوف فلم يتقبّلوا |
|
رسولى ولم تنجح لديهم وسائلى |
__________________
(١) أي مقدّم فى اللفظ ، مؤخر فى النية. والعبارة فى الطبرىّ ٢ / ٢٢ : «وزعموا أن ذلك من المقدّم الذي معناه التأخير».
(٢) فى ج ، وش «فكان ذلك دليلا».
(٣) فى ج ، وش : «أقعد».