(كَالْمُهْلِ) تغلى (فِي الْبُطُونِ) (١) و (يَغْلِي) ؛ فمن أنّث ذهب إلى الشجرة ، ومن ذكّر ذهب إلى المهل. ومثله قوله عزوجل : (أَمَنَةً نُعاساً) تغشى (طائِفَةً مِنْكُمْ») (٢) للأمنة ، و (يَغْشى) للنعاس.
وقوله : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) (١٨)
رفعن وأسماؤهن (٣) فى أوّل الكلام منصوبة ؛ لأن الكلام تمّ وانقضت به آية ، ثمّ استؤنفت (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ) فى آية أخرى ، فكان أقوى للأستئناف ، ولو تمّ الكلام ولم تكن آية لجاز أيضا الاستئناف ؛ قال الله تبارك وتعالى : (جَزاءً مِنْ رَبِّكَ عَطاءً حِساباً. رَبِّ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ وَما بَيْنَهُمَا الرَّحْمنِ) (٤) (الرَّحْمنِ) يرفع ويخفض فى الإعراب ، وليس الذي قبله بآخر آية. فأما ما جاء فى رءوس الآيات مستأنفا فكثير ؛ من ذلك قول الله : (إِنَّ اللهَ اشْتَرى مِنَ الْمُؤْمِنِينَ أَنْفُسَهُمْ وَأَمْوالَهُمْ) إلى قوله : (وَذلِكَ هُوَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ) (٥). ثم قال جل وجهه : (التَّائِبُونَ الْعابِدُونَ الْحامِدُونَ) بالرفع فى قراءتنا ، وفى حرف ابن مسعود (٦) «التائبين العابدين الحامدين». وقال : (أَتَدْعُونَ بَعْلاً وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ اللهَ رَبَّكُمْ) (٧). يقرأ بالرفع والنصب على ما فسّرت لك. وفى قراءة عبد الله : «صمّا بكما عميا» بالنصب. ونصبه على جهتين ؛ إن شئت على معنى : تركهم صمّا بكما عميا ، وإن شئت اكتفيت بأن توقع الترك عليهم فى الظلمات ، ثم تستأنف «صما» بالذمّ لهم. والعرب تنصب بالذمّ وبالمدح ؛ لأن فيه مع الأسماء مثل معنى قولهم : ويلا له ، وثوابا له ، وبعدا وسقيا ورعيا.
__________________
(١) آية ٤٣ ـ ٤٥ سورة الدخان.
(٢) آية ١٥٤ سورة آل عمران.
(٣) كأنه يريد الضمير المنصوب فى قوله : «وتركهم» وجعله أسماءهم إذ كان ضميرا مجموعا ، فكأنه عدّة ضمائر ، كل ضمير اسم ، أو أراد بالمنصوبة غير المرفوعة.
(٤) آية ٣٧ سورة النبأ.
(٥) آية ١١١ سورة التوبة.
(٦) فى ج ، ش : «وفى قراءة عبد الله».
(٧) آية ١٢٥ ـ ١٢٦ سورة الصافات.