(يَعْرِفُونَ كُلًّا بِسِيماهُمْ). وأصحاب الأعراف أقوام اعتدلت حسناتهم وسيئاتهم فقصّرت بهم الحسنات عن الجنّة ، ولم تبلغ بهم سيئاتهم النار ، كانوا موقوفين ثم أدخلهم الله الجنة بفضل رحمته.
وقوله : (وَلَقَدْ جِئْناهُمْ بِكِتابٍ فَصَّلْناهُ عَلى عِلْمٍ هُدىً وَرَحْمَةً) (٥٢)
تنصب الهدى والرحمة على القطع من الهاء فى فصّلناه. وقد تنصبهما على الفعل (١). ولو خفضته على الإتباع للكتاب كان صوابا ؛ كما قال الله تبارك وتعالى : (وَهذا) (٢) (كِتابٌ أَنْزَلْناهُ مُبارَكٌ) فجعله رفعا بإتباعه للكتاب.
وقوله : (هَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا تَأْوِيلَهُ) (٥٣)
الهاء فى تأويله للكتاب. يريد عاقبته وما وعد الله فيه.
وقوله : (فَهَلْ لَنا مِنْ شُفَعاءَ فَيَشْفَعُوا لَنا أَوْ نُرَدُّ) ليس بمعطوف على (فيشفعوا) ، إنما المعنى ـ والله أعلم ـ : أو هل نردّ فنعمل غير الذي كنا نعمل. ولو نصبت (نردّ) على أن تجعل (أو) بمنزلة حتّى ، كأنه قال : فيشفعوا لنا أبدا حتى نرد فنعمل (٣) ، ولا نعلم قارئا (٤) قرأ به.
وقوله : (إِنَّ رَحْمَتَ اللهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) (٥٦)
ذكرت قريبا لأنه ليس بقرابة فى النسب. قال : ورأيت العرب تؤنث القريبة فى النسب لا يختلفون فيها ، فإذا قالوا : دارك منّا قريب ، أو فلانة منك قريب
__________________
(١) كأنه يريد نصبه على أنه مفعول مطلق. أي هدينا به هدى ورحمنا به رحمة.
(٢) آية ٩٢ سورة الأنعام.
(٣) جواب لو محذوف ، أي لجاز.
(٤) قرأ به ابن أبى إسحق ، كما فى مختصر البديع ٤٤.