وقوله : (وَلَا الشَّهْرَ الْحَرامَ) : ولا القتال فى الشهر الحرام.
(وَلَا الْهَدْيَ) وهو هدى المشركين : أن تعرضوا له ولا أن تخيفوا من قلّد بعيره. وكانت العرب إذا أرادت أن تسافر فى غير أشهر (١) الحرم قلّد أحدهم بعيره ، فيأمن بذلك ، فقال : لا تخيفوا من قلّد. وكان أهل مكّة يقلّدون بلحاء (٢) الشجر ، وسائر العرب يقلّدون بالوبر والشعر.
وقوله : (وَلَا آمِّينَ الْبَيْتَ) يقول : ولا تمنعوا من أمّ البيت الحرام أو أراده من المشركين. ثم نسخت هذه (٣) الآية التي فى التوبة (فَاقْتُلُوا) (٤) (الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ) إلى آخر الآية.
وقوله : (وَلا يَجْرِمَنَّكُمْ) قرأها يحيى بن وثّاب والأعمش : ولا يجرمنّكم ، من أجرمت ، وكلام (٥) العرب وقراءة القرّاء (يَجْرِمَنَّكُمْ) بفتح الياء. جاء التفسير : ولا يحملنّكم بغض قوم. قال الفرّاء : وسمعت العرب تقول : فلأن جريمة أهله ، يريدون : كاسب لأهله ، وخرج يجرمهم : يكسب لهم. والمعنى فيها متقارب : لا يكسبنّكم بغض قوم أن تفعلوا شرّا. ف (أن) فى موضع تصب. فإذا جعلت (٦) فى (أن) (على) ذهبت إلى معنى : لا يحملنّكم بغضهم على كذا وكذا ، على أن لا تعدلوا ، فيصلح طرح (على) ؛ كما تقول : حملتنى أن أسأل وعلى أن أسأل.
__________________
(١) كذا. والكوفيون يجيزون إضافة الموصوف للوصف.
(٢) لحاء الشجر : قشره.
(٣) كذا فى ج. وفى ش : «هى».
(٤) آية ٥.
(٥) فى اللسان (جرم) : «وقال أبو إسحق : يقال : أجرمنى كذا وجرمنى. وجرمت وأجرمت بمعنى واحد. وقيل فى قوله تعالى : (لا يَجْرِمَنَّكُمْ) : لا يدخلنكم فى الجرم ؛ كما يقال : آثمته أي أدخلته فى الإثم» وأبو إسحق هو الزجاج ، وهو بصرى. فقول القرطبي : «ولا يعرف البصريون الضم» موضع نظر.
(٦) أي إذا قدّرت حرف الجرّ المحذوف الداخل على (أن) هو (على).