لدخول (من) كان صوابا كما تقول : رأيت القوم منهم قاعد ومنهم قائم ، وقاعدا وقائما.
والمعنى فى قوله : (قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ) يقول : أجاءكم التحريم فيما حرمتم من السائبة والبحيرة والوصيلة والحام من الذكرين أم من الأنثيين؟ فلو قالوا : من قبل الذكر حرم عليهم كل ذكر ، ولو قالوا : من قبل الأنثى حرمت عليهم كل أنثى.
ثم قال : (أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ) يقول أم حرّم عليكم اشتمال الرحم؟ فلو قالوا ذلك لحرّم عليهم الذكر والأنثى ؛ لأن الرحم يشتمل على الذكر والأنثى. و (ما) فى قوله : «أمّا اشتملت» فى موضع نصب ، نصبته بإتباعه (١) الذكرين والأنثيين.
وقوله : (أَمْ كُنْتُمْ شُهَداءَ إِذْ وَصَّاكُمُ اللهُ بِهذا) (١٤٤)
يقول : أوصّاكم الله بهذا معاينة؟
وقوله : (قُلْ لا أَجِدُ فِي ما أُوحِيَ إِلَيَّ مُحَرَّماً) (١٤٥)
ثم قال جلّ وجهه : (إِلَّا أَنْ يَكُونَ مَيْتَةً) وإن شئت (تكون (٢)) وفى (الميتة) وجهان الرفع والنصب. ولا يصلح (٣) الرفع فى القراءة ؛ لأنّ الدم منصوب بالردّ على الميتة وفيه ألف تمنع من جواز الرفع. ويجوز (أن تكون) لتأنيث الميتة ، ثم تردّ (٤) ما بعدها عليها.
__________________
(١) أي عطفه على ما ذكر.
(٢) وهى قراءة ابن عامر وأبى جعفر.
(٣) بل يصلح الرفع ، وقرأ به ابن عامر. وقوله : «أو دما» عطف على موضع «أن يكون» أي على المستثنى.
(٤) كأنه يريد أنه يصح تأنيث (تكون) بالنظر إلى «ميتة» وإن عطف عليها «دما» المذكر ، وهذا كما تقول جاءت هند ومحمد.