لأنها صفة تكون فى الواحد على معنى الجميع ، معناه : إنّ هذا ليكون كثيرا فى الإبل. ومثله : إنّ الرجل ليتعظّم حتى يمرّ فلا (١) يسلم على الناس. فتنصب (يمرّ) لحسن يفعل فيه وهو ماض ؛ وأنشدنى أبو ثروان :
أحبّ لحبّها السودان حتى |
|
أحبّ لحبّها سود الكلاب (٢) |
ولو رفع لمضيه فى المعنى لكان صوابا. وقد أنشدنيه بعض بنى أسد رفعا. فإذا أدخلت فيه «لا» اعتدل (٣) فيه الرفع والنصب ؛ كقولك : إنّ الرجل ليصادقك حتى لا يكتمك سرّا ، ترفع لدخول «لا» إذا كان المعنى ماضيا. والنصب مع دخول لا جائز.
ومثله ما يرفع وينصب إذ دخلت «لا» فى قول الله تبارك وتعالى : (وَحَسِبُوا أَلَّا تَكُونَ فِتْنَةٌ) (٤) رفعا ونصبا. ومثله : (أَفَلا يَرَوْنَ أَلَّا يَرْجِعُ إِلَيْهِمْ قَوْلاً وَلا يَمْلِكُ لَهُمْ ضَرًّا وَلا نَفْعاً) (٥) ينصبان ويرفعان ، وإذا ألقيت منه «لا» لم يقولوه إلّا نصبا ؛ وذلك أنّ «ليس» تصلح مكان «لا» فيمن رفع بحتّى وفيمن رفع ب (أن) ؛ ألا ترى أنك تقول : إنه ليؤاخيك حتى ليس يكتمك شيئا ، وتقول فى «أن» : حسبت أن لست تذهب فتخلّفت. وكلّ موضع حسنت فيه «ليس» مكان «لا» فافعل به هذا : الرفع مرّة ، والنصب مرّة. ولو رفع الفعل
__________________
(١) فى أ : «فما».
(٢) ورد فى عيون الأخبار ٤ / ٤٣ غير معزوّ.
(٣) أي جاز على اعتدال واستواء.
(٤) آية ١٧ سورة المائدة ، قرأ بالرفع أبو عمرو وحمزة والكسائي ويعقوب ، على أن أن المخففة من الثقيلة. وقرأ الباقون بالنصب ، فتكون أن هى الثنائية الناصبة للمضارع.
(٥) آية ٨٩ سورة طه. والرفع هو قراءة الجمهور. وهو الوجه. وورد النصب فى قراءة أبى حيوة وغيره. وهى قراءة شاذة. والرؤية عليه بصرية. وانظر البحر ٦ / ٢٦٩