و «يبشرك» قرأها [بالتخفيف] (١) أصحاب عبد الله فى خمسة مواضع من القرآن : فى آل عمران حرفان (٢) ، وفى بنى (٣) إسرائيل ، وفى الكهف (٤) ، وفى مريم (٥). والتخفيف والتشديد صواب. وكأنّ المشدّد على بشارات البشراء ، وكأن التخفيف من وجهة الإفراح والسرور. وهذا شىء كان المشيخة يقولونه. وأنشدنى بعض العرب :
بشرت عيالى إذ رأيت صحيفة |
|
أتتك من الحجّاج يتلى كتابها |
وقد قال بعضهم : أبشرت ، ولعلّها لغة حجازيّة. وسمعت سفيان بن عيينة يذكرها يبشر (٦). وبشرت لغة سمعتها من عكل ، ورواها الكسائىّ عن غيرهم. وقال أبو ثروان :
بشرنى بوجه حسن. وأنشدنى الكسائىّ :
وإذا رأيت الباهشين إلى العلى |
|
غبرا أكفّهم بقاع ممحل (٧) |
فأعنهم وابشر بما بشروا به |
|
وإذا هم نزلوا بضنك فانزل |
وسائر القرآن يشدّد فى قول أصحاب عبد الله وغيرهم.
وقوله : (يُبَشِّرُكَ بِيَحْيى مُصَدِّقاً) نصبت (مصدّقا) لأنه نكرة ، ويحيى معرفة.
وقوله : (بِكَلِمَةٍ) يعنى مصدّقا بعيسى.
__________________
(١) زيادة يقتضيها السياق. يريد بالتخفيف قراءة الفعل (يبشر) على وزن ينصر.
(٢) هما فى آيتي ٣٩ ، ٤٥.
(٣) فى آية ٩.
(٤) فى آية ٢.
(٥) فى آية ٩٧.
(٦) فى اللسان : «فليبشر».
(٧) هذا الشعر من قصيدة مفضلية لعبد قيس بن خفاف البرجمىّ ، يوصى فيها ابنه جبيلا. والباهش هو الفرح ، كما قال الضبىّ ، أو هو المتناول. وقوله : «وابشر بما بشروا به» فى رواية المفضليات : «وأيسر بما يسروا به» ، أي ادخل معهم فى الميسر ولا تكن بر ما تنكب عنهم ؛ فإن الدخول فى الميسر من شيمة الكرماء عندهم ؛ إذ كان ما يخرج منه يصرف لذوى الحاجات. وانظر شرح المفضليات لابن الأنبارى ص ٧٥٣.