وقوله : (وَأَلْقَى الْأَلْواحَ) ذكر أنهما كانا لوحين. وجاز أن يقال الألواح للاثنين كما قال (فَإِنْ (١) كانَ لَهُ إِخْوَةٌ) وهما أخوان وكما قال (إِنْ تَتُوبا (٢) إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما) وهما قلبان.
وقوله تبارك وتعالى : (قالَ ابْنَ أُمَ) يقرأ (ابن أمّ ، وأمّ) بالنصب والخفض (٣) ، وذلك أنه كثر فى الكلام فحذفت العرب منه الياء. ولا يكادون يحذفون الياء إلا من الاسم المنادى يضيفه المنادى إلى نفسه ، إلّا قولهم : يا ابن عمّ ويا ابن أمّ. وذلك أنه يكثر استعمالهما فى كلامهم. فإذا جاء ما لا يستعمل أثبتوا الياء فقالوا : يا ابن أبى ، ويا ابن أخى ، ويا ابن خالتى ، فأثبتوا الياء. ولذلك قالوا : يا ابن أمّ ، ويا ابن عمّ فنصبوا كما تنصب المفرد فى بعض الحالات ، فيقال : حسرتا ، ويا ويلتا ، فكأنهم قالوا : يا أمّاه ، ويا عمّاه. ولم يقولوا ذلك فى أخ ، ولو قيل كان صوابا. وكان هارون أخاه لأبيه وأمّه. وإنما قال له (يا ابن أم) ليستعطفه عليه.
وقوله : (فَلا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْداءَ) من أشمت ، حدّثنا محمد قال حدّثنا الفراء قال حدّثنا سفيان بن عبينة عن رجل ـ أظنه الأعرج (٤) ـ عن مجاهد أنه قرأ (فلا تشمت بي) ولم يسمعها من العرب ، فقال الكسائىّ : ما أدرى لعلهم أرادوا (فلا تشمت بي الأعداء) فإن تكن صحيحة فلها نظائر ، العرب تقول فرغت : وفرغت. فمن قال فرغت قال : أنا أفرغ ، ومن قال فرغت قال أنا أفرغ ، وركنت وركنت وشملهم شر ، وشملهم ، فى كثير من الكلام. و (الأعداء) رفع لأن الفعل لهم ، لمن قال : تشمت أو تشمت.
__________________
(١) آية ١١ سورة النساء.
(٢) آية ٤ سورة التحريم.
(٣) الخفض أي كسر الميم قراءة ابن عامر وأبى بكر عن عاصم وحمزة والكسائىّ وخلف. والنصب قراءة الباقين.
(٤) هو حميد بن قيس المكىّ القارئ توفى سنة ١٣٠ ه.