ومثله فى قوله (حَتَّى إِذا جاؤُها وَفُتِحَتْ أَبْوابُها وَقالَ لَهُمْ خَزَنَتُها) (١) ومثله فى قوله (فَلَمَّا أَسْلَما وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ) (٢) جعل بالواو. وفى قراءة عبد الله «فلمّا جهّزهم بجهازهم وجعل السّقاية» (٣) وفى قراءتنا بغير واو. وكلّ عربىّ حسن.
وقد قال بعضهم : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ ذَوِي الْقُرْبى ـ وَالصَّابِرِينَ) فنصب الصابرين على إيقاع الفعل عليهم. والوجه أن يكون نصبا على نيّة المدح ؛ لأنه من صفة شىء واحد. والعرب تقول فى النكرات كما يقولونه فى المعرفة ، فيقولون : مررت برجل جميل وشابّا بعد ، ومررت برجل عاقل وشرمحا (٤) طوالا ؛ وينشدون قوله :
ويأوى إلى نسوة بائسات (٥) |
|
وشعثا مراضيع مثل السّعالى |
(وشعث) فيجعلونها خفضا بإتباعها أوّل الكلام ، ونصبا على نية ذمّ فى هذا الموضع.
وقوله : (كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِصاصُ فِي الْقَتْلى الْحُرُّ بِالْحُرِّ وَالْعَبْدُ بِالْعَبْدِ وَالْأُنْثى بِالْأُنْثى ...) (١٧٨)
فإنه نزل فى حيّين من العرب كان لأحدهما طول على الآخر فى الكثرة والشرف ، فكانوا يتزوّجون نساءهم بغير مهور ، فقتل الأوضع من الحيّين من
__________________
(١) آية ٧٣ سورة الزمر.
(٢) آية ١٠٤ سورة الصافات ، وتله للجبين : صرعه عليه وأسقطه على شقه.
(٣) آية ٧٠ سورة يوسف.
(٤) الشرمح من الرجال القوى الطويل.
(٥) لأمية بن أبى عائذ الهذلىّ. وهو فى وصف صائد وإعساره. البؤس : شدّة الحاجة والفقر. ويروى : عطل : جمع عاطل وهن اللواتى لا حلى عليهن ، وشعث جمع شعثاء ، وشعثها من قلة التعهد بالدهن والنظافة ، والسعالى ضرب من الغيلان ، الواحد سعلاة. وانظر الخزانة ١ / ٤١٧ ، وأشعار الهذليين طبع الدار ١ / ١٧٢. والبيت فى المرجع الأخير فيه بعض تغيير.