وكذبوا فلم يفعلوا. فقال الله تبارك وتعالى (فَلَوْ صَدَقُوا اللهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ) ، وربما قال بعضهم : إنما رفعت الطاعة بقوله : لهم طاعة ، وليس ذلك بشىء. والله أعلم. ويقال أيضا : (وَذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ) و (طاعَةٌ) فأضمر الواو ، وليس ذلك عندنا من مذاهب العرب ، فإن يك موافقا للتفسير فهو صواب.
وقوله : (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَراتِ ...) (١٥٥)
ولم يقل (بأشياء) لاختلافها. وذلك أن من تدلّ على أن لكل صنف منها شيئا مضمرا : بشىء من الخوف وشىء من كذا ، ولو كان بأشياء (١) لكان صوابا.
وقوله : (قالُوا إِنَّا لِلَّهِ ...) (١٥٦)
لم تكسر العرب (إنا) (٢) إلا فى هذا الموضع مع اللام فى التوجّع خاصّة. فإذا لم يقولوا (لله) فتحوا فقالوا : إنا لزيد محبّون ، وإنا لربّنا حامدون عابدون. وإنما كسرت فى (إِنَّا لِلَّهِ) لأنها استعملت فصارت كالحرف الواحد (٣) ، فأشير إلى النون بالكسر (٤) لكسرة اللام التي فى (لِلَّهِ) ؛ كما قالوا : هالك وكافر ، كسرت الكاف
__________________
(١) قرأ الضحاك (بأشياء) على الجمع ، كما فى الطبري.
(٢) المراد بالكسر هنا إمالة النون من (إنا) إلى الكسر كما فى النحاس عن الكسائي : إن الألف ممالة إلى الكسرة ، وأما على أن تكسر فمحال لأن الألف لا تحرك البتة ، وإنما أميلت فى «إنا لله» لكسرة اللام فى لله إلخ. وكذا الكلام على ما يأتى فى هالك وكافر من أن الكسر فى الألف إمالته مع الكاف.
(٣ ، ٤) يريد أن (نالله) كالكلمة الواحدة ، فوقعت الألف فى (نا) قبل الكسرة (كسرة لام لله) متصلّة ، وهذا سبب من أسباب الإمالة نحو عالم وكاتب ، وإن كان (نا) مما عد مشبها للحرف الذي لا إمالة فيه لأنه مبنىّ أصلىّ فهو اسم غير متمكن ، ولكنهم استثنوا من المشبه للحرف (ها) للغائبة ، (نا) للتكلم المعظم نفسه أو معه غيره خاصة ، فإنهم طردوا الإمالة فيهما لكثرة استعمالهما إذا كان قبلهما كسرة أو ياء ، فقالوا : مرّ بنا وبها ، ونظر إلينا وإليها ، بالإمالة لوقوع الألف مسبوقة بالكسرة أو الياء مفصولة بحرف.