وقوله : (وَإِنَّ فَرِيقاً مِنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (١٤٦) الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ ...) (١٤٧)
المعنى أنهم لا يؤمنون بأن القبلة التي صرف إليها محمد صلىاللهعليهوسلم قبلة إبراهيم صلىاللهعليهوسلم وعلى جميع الأنبياء ، ثم استأنف (الحقّ) فقال : يا محمد هو (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) ، إنها قبلة إبراهيم (فَلا تَكُونَنَّ مِنَ الْمُمْتَرِينَ) : فلا تشكّنّ فى ذلك. والممترى : الشاكّ.
وقوله : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ ...) (١٤٨)
يعنى قبلة (هُوَ مُوَلِّيها) : مستقبلها ، الفعل لكلّ ، يريد : مولّ وجهه إليها. والتولية فى هذا الموضع إقبال ، وفى (يُوَلُّوكُمُ الْأَدْبارَ) (١) ، (ثُمَّ وَلَّيْتُمْ مُدْبِرِينَ) (٢) انصراف. وهو كقولك فى الكلام : انصرف إلىّ ، أي أقبل إلىّ ، وانصرف إلى أهلك أي اذهب إلى أهلك. وقد قرأ ابن عباس وغيره «هو مولّاها» ، وكذلك قرأ أبو (٣) جعفر محمد بن علىّ ، فجعل الفعل واقعا عليه. والمعنى واحد. والله أعلم.
وقوله : (أَيْنَ ما تَكُونُوا ...) (١٤٨)
إذا رأيت حروف الاستفهام قد وصلت ب (ما) ، مثل قوله : أينما ، ومتى ما ، وأىّ ما ، وحيث (٤) ما ، وكيف ما ، و (أَيًّا ما تَدْعُوا) (٥) كانت جزاء ولم تكن استفهاما. فإذا لم توصل ب (ما) كان الأغلب عليها الاستفهام ، وجاز فيها الجزاء.
__________________
(١) آية ١١١ سورة آل عمران.
(٢) آية ٢٥ سورة التوبة.
(٣) هو الإمام الباقر ، لقب بذلك لأنه بقر العلم ، أي شقه وعرف ظاهره وخفيه. وانظر طبقات القراء لابن الجزرىّ الترجمة رقم ٣٢٥٤
(٤) كذا فى الأصول ، ولا تعرف هذه الأداة فى أدوات الاستفهام.
(٥) آية ١١٠ سورة الإسراء.