إلا مائة. فالمعنى له علىّ ألف ومائة ، وأن تقول : ذهب الناس إلا أخاك ، اللهمّ إلا أباك ، فتستثنى الثاني ، تريد : إلا أباك وإلا أخاك ؛ كما قال الشاعر (١) :
ما بالمدينة دار غير واحدة |
|
دار الخليفة إلا دار مروانا |
كأنه أراد : ما بالمدينة دار إلا دار الخليفة ودار مروان.
وقوله : (وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ ...) (١٤٨)
العرب تقول : هذا أمر ليس له وجهة ، وليس له جهة ، وليس له وجه ؛ وسمعتهم يقولون : وجّه الحجر ، جهة ماله ، ووجهة ماله ، ووجه ماله. ويقولون : ضعه غير هذه الوضعة ، والضّعة ، والضعة. ومعناه : وجّه الحجر فله جهة ؛ وهو مثل ، أصله فى البناء يقولون : إذا رأيت الحجر فى البناء لم يقع موقعه فأدره فإنك ستقع على جهته (٢). ولو نصبوا على قوله : وجّهه جهته لكان صوابا.
وقوله : (وَاخْشَوْنِي ...) (١٥٠)
أثبتت فيها الياء ولم تثبت فى غيرها ، وكلّ ذلك صواب ، وإنما استجازوا حذف الياء لأن كسرة النون تدلّ عليها ، وليست تهيّب العرب حذف الياء من آخر الكلام إذا كان ما قبلها مكسورا ، من ذلك (رَبِّي أَكْرَمَنِ) ـ و ـ (أَهانَنِ) فى سورة «الفجر» (٣) وقوله : (أَتُمِدُّونَنِ بِمالٍ) (٤) ومن غير النون (الْمُنادِ) (٥) و (الدَّاعِ) (٦) وهو كثير ، يكتفى من الياء بكسرة ما قبلها ، ومن الواو بضمّة ما قبلها ؛ مثل قوله :
__________________
(١) نسب فى كتاب سيبويه ١ / ٣٧٣ إلى الفرزدق. وانظر فى تخريج إعرابه السيرافي على الكتاب ٣ / ٣٠٦ من التيمورية.
(٢) وهذا المثل أورده الميدانىّ فى حرف الواو ، وقال بعد أن أورد نحو ما ذكر هنا : «يضرب فى حسن التدبير ، أي لكل أمر وجه ، لكن الإنسان ربما عجز ولم يهتد إليه».
(٣) آيتا ١٥ ، ١٦ من السورة.
(٤) آية ١٢٦ سورة النمل.
(٥) آية ٤١ سورة ق.
(٦) آيتا ٦ ، ٨ سورة القمر.